ان الخطاب انما يتوجه ابتداء إلى الجاهل فان فهم تكليفه منه فليعمل به والا هي معذور في الامتثال لو لم يكن منشأ التقصير والا ففيه كلام مذكور في محله وان أريد قبح تنجيزه عليه بمعنى مؤاخذته على ترك امتثاله فهو في الجملة مسلم كما أشرنا إليه ضرورة كون العلم شرطا عقليا للتكاليف في مقام التنجز ووجوب الإطاعة الا انه لا دخل له فيما نحن بصدده من اثبات وجوب الإعادة على الجاهل لأنها من اثار الوجوب الواقعي لا تنجزه عليه فعلا ولتمام الكلام مقام آخر فمقتضى عموم الحكم أعني شرطية الطهارة للصلاة وجوب الإعادة على الجاهلين بالحكم أيضا كالعالمين ويدل عليه مضافا إلى ما ذكرنا صحيحة ابن أذنية قال ذكر أبو مريم الأنصاري ان حكم بن عينيه بال يوما ولم يغسل ذكره متعمدا فذكرت ذلك لأبي عبد الله (ع) فقال بئس ما صنع عليه ان يغسل ذكره ويعيد صلاته ولا يعيد وضوئه لأن الظاهر أن مورده الجهل بالحكم الشرعي لبعد وقوعه من العالم بالحكم ولا أقل من استفادة حكم الجاهل بالحكم من الرواية لأجل ترك الاستفصال واما الناسي فقد اختلفت الاخبار في حكمه ففي جملة منها انه يعيد مطلقا * (منها) * صحيحة عمرو بن أبي نصر عن الصادق عليه السلام قال قلت له أبول وأتوضأ وأنسى استنجائي ثم اذكر بعد ما صليت قال اغسل ذكرك واعد صلاتك ولا تعد وضوئك ومنها مرسلة ابن بكير عن الصادق (ع) في الرجل يبول وينسى ان يغسل ذكره حتى يتوضأ ويصلى قال يغسل ذكره ويعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء * (و) * منها صحيحة زرارة قال توضأت يوما ولم اغسل ذكرى ثم صليت فسئلت أبا عبد الله (ع) عن ذلك فقال اغسل ذكرك واعد صلاتك * (وفي) * الحدائق ان هذه الصحيحة محمولة على ترك الغسل نسيانا لبعد التعمد من مثل زرارة في الصلاة بغير استنجاء * (أقول) * لا شبهة في استفادة حكم الناسي منها ولو لم نقل باختصاصها به لان ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال دليل العموم * (ومنها) * خبر سماعة قال قال أبو عبد الله (ع) إذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة فلم تهرق الماء ثم توضأت ونسيت ان تستنجى فذكرت بعد ما صليت فعليك الإعادة وإن كنت أهرقت الماء فنسيت ان تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء والصلاة وغسل ذكرك لان البول مثل البراز * (ومما) * يؤيد مضمون هذه الروايات الأخبار الكثيرة الآتية في محلها انشاء الله الدالة على أن ناسي النجاسة مطلقا يعيد صلاته * (و) * في جملة منها انه لا يعيد صلاته كرواية هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يتوضأ وينسى ان يغسل ذكره وقد بال فقال يغسل ذكره ولا يعيد الصلاة ورواية عمرو بن أبي نصر قال لأبي عبد الله (ع) انى صليت فذكرت انى لم اغسل ذكرى بعد ما صليت أفأعيد قال لا ومورد هاتين الروايتين نسيان البول كما أن مورد الروايات السابقة ما عدا الأخيرة منها أيضا نسيان البول واما الأخيرة فنسيان الاستنجاء من الغائط أيضا من موردها ويعارضها من هذه الجهة موثقة عمار قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول لو أن رجلا نسي ان يستنجى من الغائط حتى يصلى لم يعد الصلاة * (و) * صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سئلته عن رجل ذكر وهو في صلاته انه لم يستنج من الخلاء قال ينصرف ويستنجي من الخلاء ويعيد صلاته وان ذكر وقد فرغ من صلاته فقد أجزء ذلك ولا إعادة عليه وموضوع الحكم في هذه الصحيحة بحسب الظاهر أعم من نسيان مطلق الاستنجاء خصوصا بقرينة ترك الاستفصال ودعوى اختصاصها بمن نسي الاستنجاء من خصوص الغائط مع أن الغالب عدم انفكاك البول عنه غير مسموعة فهذه الصحيحة يعارضها مجموع الأخبار السابقة الامرة بالإعادة وكيف كان فالمشهور على ما صرح به غير واحد من الاعلام وجوب الإعادة وقتا وخارجا وعن ابن الجنيد وجوب الإعادة في الوقت واختيار الاستحباب خارجه وعن الصدوق في الفقيه وجوب الإعادة في البول دون الغائط فلا يعيد وزاد في البول إعادة الوضوء أيضا وفي الحدائق عن ابن أبي عقيل ان الأولى إعادة الوضوء ولم يقيد ببول ولا غائط فما عن السيد [ره] في الرياض من نسبة القول بإعادة الصلاة مطلقا إلى العماني لا يبعد ان يكون اشتباها منه كما نبه عليه في الجواهر والله العالم حجة المشهور ظهور الطائفة الأولى من الاخبار في وجوب الإعادة وكفى بذهابهم إليه واعراضهم عن الاخبار المعارضة لها في قصورها عن المكافئة فان اعراضهم وإن لم يوجب وهنا في سندها حيث إن تكاثرها و تظافرها ربما يورث القطع بصدورها في الجملة الا انه يوجب الوهن في دلالتها أو في جهة صدورها لكشفه اجمالا عن عثورهم على مزية في الاخبار الامرة بالإعادة الموجبة لترجيحها في مقام التعارض أو قرينة كاشفة عن إرادة خلاف الظاهر منها مقتضية لطرحها ولو عند خلوها عن المعارض هذا مضافا إلى ما سيتضح لك فيما بعد من وجود المرجح للطائفة الأولى ولو مع قطع النظر عن اشهريتها واعراض المشهور عما يعارضها والله العالم حجة ابن الجنيد على الظاهر الجمع بين الاخبار وفيه أن حمل الاخبار النافية للإعادة على خارج الوقت في غاية البعد مضافا إلى أنه لا شاهد لهذا الجمع نعم لو قلنا بهذا التفصيل في ناسي النجاسة مطلقا بشهادة مكاتبة ابن مهزيار الآتية في محلها انشاء الله لأمكن القول به فيما نحن فيه والالتزام بكونه من جزئيات تلك المسألة الا ان الأقوى فيه أيضا الإعادة مطلقا كما يتضح انشاء الله في محله * (وقد) * يستشهد له بموثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) في الرجل ينسى ان يغسل دبره بالماء وقد تمسح بثلاثة أحجار قال إن كان في وقت تلك الصلاة فليعد الصلاة وليعد الوضوء وان كان قد مضى وقت تلك الصلاة التي صلى فقد جازت صلاته وليتوضأ
(٢١١)