انه نقض طهارة وتوضأ عن حدث وشك في السابق فإنه يستصحب حالة السابق على الزوال فإن كان في تلك الحال متطهرا بنى على طهارته لأنه تيقن انه نقض تلك الطهارة ثم توضأ ولا يمكن ان يتوضأ عن حدث مع بقاء تلك الطهارة ونقض الطهارة الثانية مشكوك فيه فلا يزول اليقين بالشك وان كان قبل الزوال محدثا فهو الآن محدث لأنه تيقن انه انتقل عنه إلى طهارة ثم نقضها والطهارة بعد نقضها مشكوك فيها انتهى كلامه رفع مقامه وهذه العبارة كما تراها ظاهرة الانطباق على ما وجهنا به مقالته وكيف كان فان أراد ما يوافق المشهور فنعم الوفاق * (والا) * ففيه مالا يخفى فقد تقرر لك ان الأقوى ما ذهب إليه المشهور من أنه لو تيقنهما وشك في المتأخر كمن تيقن الحدث وشك في الطهارة يتطهر مطلقا سواء علم تاريخ أحدهما أم لم يعلم أصلا وسواء علم بحالته قبل الحالتين أم جهلها ولكنه ينبغي ان يعلم أنه يتطهر لما يوجده من الأفعال بعد الشك لا لما أوجده قبل ذلك فلو شك في طهارته بعد ما فرغ من صلاته مضت صلاته لأصالة الصحة الحاكمة على قاعدة الاشتغال واستصحاب الحدث ومقتضاها عدم الاعتناء بالشك بالنسبة إلى ما مضى واما بالنسبة إلى ما يأتي فليتطهر لما عرفت * (ولو) * ارتبط اللاحق بالسابق كما لو شك وهو في أثناء الصلاة * (فالأقوى) * وجوب التطهير والاستيناف لتوقف احراز الطهارة للاجزاء اللاحقة على ذلك وما يدل على مضى الاعمال الماضية وصحتها لا يدل على حصول الشرط في الواقع بحيث لا يحتاج المكلف إلى تحصيل الجزم بحصوله للأعمال الآتية كما لا يخفى وجهه على المتأمل وكذا لو تيقن ترك عضو أو جزء منه قبل أن يجف وضوئه اتى به وما بعده بلا اشكال ولا خلاف محكى إلا عن الإسكافي حيث فرق بين ما إذا كان المتروك دون سعة الدرهم فيجزيه ان يبله فحسب وبين غيره فيجب الاتيان به وبما بعده وقد تقدم الكلام في تحقيق المقام سابقا في بحث الترتيب وان يتقنه بعد أن جف البلل استأنف الوضوء لفوات الموالاة التي قد عرفت انها عبارة عن عدم الجفاف نعم لو كان الجفاف لشدة الحر أو البرد أو نحوهما وأمكن تداركه من دون ان يفوت المتابعة العرفية تداركه لما عرفت فيما سبق من كفاية أحد الامرين من عدم الجفاف والمتابعة العرفية والله العالم وان شك في شئ من أفعال الوضوء بل مطلق الطهارة الشاملة للغسل والتيمم وهو على حاله التي كان عليها من التلبس الاشتغال بالطهارة اتى بما شك فيه ثم بما بعده بلا خلاف في الوضوء ظاهرا بل نقل الاجماع عليه مستفيض واما الحاق الغسل بالوضوء فهو المشهور على ما يظهر من طهارة شيخنا المرتضى [قده] وعن جماعة من الأساطين كالعلامة والشهيدين والمحقق الثاني والسيد الطباطبائي قدس الله اسرارهم التصريح باتحاد حكمهما بل ربما يستظهر من عبائرهم كونه من المسلمات وعن بعض منهم التنصيص على التيمم أيضا فالعجب من شيخنا الأكبر في جواهره حيث إنه تخيل اختصاص هذا القول بصاحب الرياض [قده] فتعجب منه وكيف كان فالمتبع هو الدليل ويدل عليه في الوضوء مضافا إلى الاجماعات المستفيضة صحيحة زرارة عن أبي جعفر (ع) إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر أغسلت ذراعيك أم لا فأعد عليهما وعلى جميع ما شككت فيه انك لم تغسله أو تمسحه مما سمى الله ما دمت في حال الوضوء فإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وقد صرت في حال أخرى في الصلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمى الله مما أوجب الله عليك فيه وضوئه لا شئ عليك فيه فان شككت في مسح رأسك فأصبت في لحيتك بلة فامسح بها عليه وعلى ظهر قدميك وإن لم تصب بللا فلا تنقض الوضوء بالشك وامض في صلاتك وان تيقنت انك لم تتم وضوئك فأعد على ما تركت يقينا حتى تأتي على الوضوء الحديث والظاهر أن قوله (ع) فان شككت في مسح رأسك إلى آخره بيان لما أجمله في صدر الرواية ويحتمل ان يكون المراد منه الامر بالمسح بعد أن صار في حال أخرى من صلاة وغيرها فيكون للاستحباب لعدم وجوبه عليه اجماعا وكيف كان فهذه الصحيحة كما تريها كادت تكون صريحة في المطلوب وبها يرتفع الاجمال عن موثقة ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال إذا شككت في شئ من ناحية قد دخلت في غيره فليس شكك بشئ انما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه فان الصحيحة السابقة كاشفة عن أن ضمير في غيره يرجع إلى الوضوء لا إلى الشئ الذي شك فيه وكذا تدل على أن المراد من الشئ في ذيل الرواية هو العمل الذي وقع الشك فيه لأجل احتمال الاخلال بشئ من اجزائه وشرائطه لا الشئ الذي شك في وجوده بل هذه الفقرة بنفسها ظاهرة في ذلك لان ظاهر قوله (ع) إذا كنت في شئ انك إذا كنت متشاغلا بعمل غير متجاوز عنه فيجب ان يكون ذلك العمل مركبا ذا اجزاء وشرائط حتى يعقل تعلق الشك به ما دام الانسان فيه وارتكاب الاضمار في الرواية بحمل الشئ على إرادة محله مما لا دليل عليه فظاهرها ان المراد من الشئ هو العمل المركب الذي يتعلق به الشك و ظهورها في ذلك رافع لاجمال مرجع الضمير في صدرها لكون القاعدة المذكورة في الذيل بمنزلة البرهان لاثبات الحكم المذكور في الصدر فيجب ان يكون الموضوع المذكور في الصدر من جزئيات ما هو الموضوع في تلك القاعدة حتى يستقيم البرهان فتلخص لك انه يستفاد من هذه الموثقة أمران أحدهما انه لو تعلق شك بصحة عمل مركب بعد الفراغ منه لا يعتد بالشك والثاني ان عدم الاعتداد بالشك بعد الفراغ من الوضوء انما هو لكونه من جزئيات هذه القاعدة وهذه القاعدة بنفسها من القواعد الكلية المسلمة المعمول بها في جميع أبواب الفقه وهذه هي القاعدة التي يعبر عنها بأصالة الصحة ويدل على صحتها في الجملة مضافا إلى الموثقة المتقدمة والاجماع وسيرة المتشرعة بل وغيرهم أيضا
(٢٠٦)