مستوى القوى الروحية في متوسط الافراد عموما.
وقد أثبتت التجربة أنه كلما قلت أفراد الجماعة، وقوي خصومها ومنافسوها، وأحاطت بها المحن والفتن، فإنها تكون أكثر نشاطا في العمل، وأحد في الأثر.
وكلما كثر أفرادها، فإنها تصير أكثر خمودا، وأقل تيقظا، وأسفه حلما.
وغزوات النبي (ص) خير شاهد على ما نقول. فليقارن بين عدة وعدد، وظروف، وحالة المسلمين في غزوة بدر، وبين عدتهم وعددهم، وظروفهم في غيرها، وليقارن بين نتائجها، ونتائج غيرها، كأحد، والخندق، وخيبر، وحنين، وهي أقساها، حتى لقد قال تعالى: (ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا، وضاقت عليكم الأرض بما رحبت، ثم وليتم مدبرين) الآيات (1).
وهكذا يتضح مفاد الآيات التي نحن بصددها، ولربما يشير إلى ذلك أيضا الآية الثالثة المتقدمة، التي أشارت إلى أنهم رغبوا في الاسرى، لانهم يريدون عرض الدنيا.
وإذا كانت الآيتان الأوليان متضمنتين لبيان طبع القوى الروحية في زمانين مختلفين، فلا مانع من نزول الآيتين دفعة واحدة، فإن وجود حكمين مختلفين في زمانين لا يوجب نزول الآية المتضمنة لأحدهما في زمان والمتضمنة للاخر في زمان آخر إذا كان ذلك الحكم حكما طبعيا وليس حكما تكليفيا.
ثم ذكر أيده الله: أن ظاهر التعليل في الآية الأولى بالفقه، وفي الثانية بالصبر مع كون المقاتل مؤمنا في الآيتين، يدل على أن الصبر يرجع