إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة، وبأن الموت ليس فناء كما يعتقد الكفار، وإنما هو السعادة، والانتقال إلى دار البقاء.
أما الكفار: فيعتمدون على تسويل الشيطان، وهوى النفس. ولا تثبت النفس على هواها إلى حد تقبل الموت إلا فيما ندر.
ففقه المؤمنين، ومعه العلم والايمان، هو السر في انتصارهم في بدر، وجهل الكفار ومعه الكفر والهوى هو الموجب لانهزامهم.
وأما بعد ذلك، وحيث زاد عدد المسلمين، فقد ضعفوا في القوة الروحية، بسبب قلة نسبة الفقه المشار إليه في الآية الأولى بقوله تعالى:
(ذلك بأنهم قوم لا يفقهون) وقلة الصبر المشار إليه في الآية الثانية بقوله تعالى: (والله مع الصابرين).
وسبب هذا الضعف هو: أن كل جماعة أو فئة تسعى للوصول إلى هدف حيوي: دنيويا كان أو دينيا. فإنها في بادئ الامر تشعر بالموانع، وتواجه المحن التي ترى أنها تتهدد وجودها وبنيتها، فتستيقظ هممها الدافعة للجهاد في سبيل هدفها المشروع عندها، ويهون عليها بذل أنفسها وأموالها في سبيله.
فإذا جاهدت وتقدمت نحو غاياتها، وصفا لها الجو بعض الصفاء، وكثر جمعها، فإنها تبدأ بالاستفادة من نتائج تضحياتها، وتتنعم وترتاح وتطمئن لجني ثمرات ما بذلته وقدمته.
تبدأ قواها الروحية المحركة بالخمود.
وواضح: أنه مهما قلت أفراد تلك الجماعة، أو ذلك المجتمع، فإنهم ولا شك يكونون متفاوتين في درجات إيمانهم بهدفهم، وفي مستوى تفكيرهم ووعيهم، وفي سجاياهم بشكل عام. وكلما كثر أفرادها كلما زاد فيهم ضعفاء الايمان والمنافقون، والذين في قلوبهم مرض، ويتدنى