فإننا نلاحظ: أن هذا الحقد قد استمر عشرات السنين، وقد أكده وزاده حدة: معارضة الأنصار في الخلاقة في قصة السقيفة، ثم كونهم إلى علي " عليه السلام " أميل منهم إلى غيره. وقد ناصروه في حروبه، التي تزعمت قريش الجانب الآخر منها (1) حتى لقد قال معاوية في صفين لنعمان بن بشير، ومسلمة بن مخلد: " ولقد غمني ما لقيت من الأوس والخزرج، واضعي سيوفهم على عواتقهم، يدعون إلى النزال، حتى لقد جبنوا من أصحابي الشجاع. وحتى والله ما أسأل عن فارس من أهل الشام إلا قيل: قتله الأنصار، أم والله، لألقينهم بحدي وحديدي " (2). إلى آخر الكلام.
ويقول النعمان بن بشير، في كلام له مع الأنصار: " ثم لم ينزل خطب قط إلا هونتم عليه المصيبة " (3).
ثم كان موقف الأنصار تجاه شيخ بني أمية عثمان بن عفان، ومشاركتهم بشكل فعال في الثورة ضده، فزاد ذلك في حقد قريش عليهم وتمالئها ضدهم، حتى ليقول معاوية، وإن كان إظهار حزنه على عثمان إنما جاء لأهداف سياسية لا تخفى:
لا تحسبوا أنني أنسي مصيبته * وفي البلاد من الأنصار من أحد (4) وقد عمق معاوية هذا الحقد ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ثم جاء بعده يزيد فانتقم منهم في واقعة الحرة شر انتقام (5)، بعد أن قتل أهل بيت