وتقول هند بنت عتبة لرملة بنت شيبة، وكانت من المهاجرات:
لحى الرحمان صابئة بوج * ومكة، أو بأطراف الحجون تدين لمعشر قتلوا أباها * أقتل أبيك جاءك باليقين (١) وأمثال ذلك كثير، لا مجال لتتبعه واستقصائه.
ومن كل ما قدمناه ينجلى مدى حرص هؤلاء على الموت أو النصر، وحرص أولئك على الحياة والسلامة، فالمسلمون يرون الموت انتقالا، والشهادة عطاء. وأولئك يرون الموت خسرانا، وفناء ودمارا.
وقد تحدث الله عن بني إسرائيل الذين يهتمون بالدنيا وليس للآخرة مكان في تفكيرهم، وحتى في عقائدهم، فقال: ﴿قل: إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة، من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين. ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم، والله عليم بالظالمين.
ولتجدنهم أحرص الناس على حياة، ومن الذين أشركوا، يود أحدهم لو يعمر ألف سنة، وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر، والله بصير بما يعملون﴾ (2).
ولذلك احتاجت الحرب إلى: أن يريهم الله بادئ الامر المسلمين قليلا، ليتشجعوا على خوض غمار الحرب، براحة فكر، ولرفع مستوى إحتمالات السلامة والبقاء. ولا أقل من أن يصمدوا ولا يفروا، ليقوم علي (ع) بإذلال فراعنة الشرك، وقتل أبطالهم، وأسر رجالهم، وفقا لما جاء عن الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء: كلما حشوا نارا للحرب أطفأها، ونجم قرن الضلال أو فغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه، ويخمد لهبها بحده، مكدودا في