الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) - السيد جعفر مرتضى - ج ٥ - الصفحة ٣٠
وثانيا: إن العدوة القصوى التي أناخ بها المشركون كان فيها الماء، كانت أرضا لا بأس بها. ولا ماء بالعدوة الدنيا، وهي خبار تسوخ فيها الأرجل (1).
وثالثا: إن المشركين هم الذين سبقوا بالنزول في بدر كما سيأتي، ولا يعقل أن ينزلوا في مكان لا ماء فيه، ويتركوا الماء لغيرهم.
ورابعا: إن ابن إسحاق ينص على أن المشركين وردوا الحوض، فأمر النبي " صلى الله عليه وآله " أن لا يعترضوهم (2). وقد فعل أمير المؤمنين علي (ع) في صفين مثل ذلك، حيث أباح الماء لأعدائه القاسطين، مع أنهم كانوا قد منعوه إياه أولا (3).
ومن الواضح: أن منعهم من الماء لا ينسجم مع أخلاقيات ومبادئ الاسلام ونبيه الأعظم (ص).
فالصحيح هو الرواية التي تقول: إن المسلمين لم يكونوا على الماء، فأرسل الله السماء عليهم ليلا حتى سال الوادي، فاتخذوا الحياض، وشربوا وسقوا الركائب، واغتسلوا وملأوا الأسقية (4) كما أشار إليه تعالى، حين قال: (إذ يغشيكم العناس أمنة منه، وينزل عليكم من

(١) راجع: فتح القدير ج ٢ ص ٢٩١ عن الزجاج و ٣١١، والكشاف ج ٢ ص ٢٢٣ / ٢٠٣، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧٥، وتفسير ابن كثير ج ٢ ص ٢٩٢ عن ابن عباس، وقتادة، والسدي، والضحاك، والدر المنثور ج ٣ ص ١٧١ عن ابن المنذر، وأبي الشيخ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٤، وسيرة ابن كثير ج ٢ ص ٤٠٠ وعن الكشاف، وأنوار التنزيل، والمدارك، وغير ذلك.
(٢) وراجع: الكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٢٣.
(٣) راجع كتابنا: الاسلام ومبدأ المقابلة بالمثل.
(٤) راجع: الكشاف ج ٢ ص ٢٠٣ - ٢٠٤، وتفسير ابن كثير ج ٢ ص ٢٩٢ غير أنه لم يذكر اتخاذ الحياض.
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست