فقام عمر، فقال مثل مقالة أبي بكر.
فأمره النبي (ص) بالجلوس، فجلس. ونسب الواقدي والحلبي الكلام المتقدم لعمر، وقالا عن أبي بكر: إنه قال فأحسن (1).
ثم قام المقداد فقال: يا رسول الله، إنها قريش وخيلاؤها، وقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا: أن ما جئت به حق من عند الله، والله لو أمرتنا:
أن نخوض جمر الغضا (نوع من الشجر صلب)، وشوك الهراس لخضناه معك، ولا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى: إذهب أنت وربك، فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون (2)، ولكنا نقول: إذهب أنت وربك، فقاتلا، إنا معكم مقاتلون. والله لنقاتلن عن يمينك وشمالك، ومن بين يديك، ولو خضت بحرا لخضناه معك، ولو ذهبت بنا برك الغماد لتبعناك (3).
فأشرق وجه النبي (ص)، ودعا له، وسر لذلك، وضحك كما يذكره المؤرخون (4).
فيلاحظ: أن الكلام كله قد كان من المهاجرين، وقد ظهر منهم:
أنهم لا يريدون حرب قريش، وهم يتفادون ذلك بأي ثمن كان، غير أن المقداد قد رد عليهم مقالتهم، وخالفهم في موقفهم. ثم توجه النبي