أما أبو بكر، فلا أثر له هنا، ولا كان أعداء الاسلام يصدقونه بالقتل، وإنما هو كأي مهاجري آخر، مثل عبد الرحمان بن عوف، وعثمان، وغيرهما. بل كان عثمان أبعد منه صيتا، وأشرف مركبا، فلم يكن قتله في إحدى تلك المعارك ليضعف الاسلام، ولا تعفى آثاره، فكيف يجعل كرسول الله (ص)، الذي كان وقوفه وقوف رعاية وتدبير، وظهر وسند، يحرس أصحابه، ويدبر أمورهم، ويعين مواقفهم، وتوجب سلامته الطمأنينة لهم؟
ولو كان في أول المحاربين، لانشغلت نفوسهم بمصيره، وشغلهم الاهتمام به عن عدوهم، ولا يكون لهم فئة يلجأون إليها، ومن يكون قوة وعدة لهم، يعرف مواضع خللهم، وإذا رأى مصلحة في إقدامه بنفسه أقدم.
ولو كان أبو بكر شريكا للنبي بالنبوة وكانت العرب تطلبه مثله لصح قولهم. وأما وهو أضعف المسلمين جنانا، وأقلهم عند العرب ترة، ولا حارب أبدا، بل هو أحد الاتباع، فكيف يجوز أن يجعل بمقام ومنزلة رسول الله؟!
ثم ذكر الإسكافي قصة مبارزته لولده عبد الرحمان في أحد، واعتبر أن قول الرسول (ص) له: امتنعا بنفسك، كان لعلمه بأنه ليس أهلا للحرب وملاقاة الرجال، وأنه لو بارز لقتل. ثم ذكر قوله تعالى: (فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما)، وآيات أخرى، وأضاف أنه لو كان الجبان والضعيف يستحقان الرئاسة لتركهما الحرب، لكان حسان بن ثابت أحق بها.
لقد كانت قريش تريد قتل النبي (ص) أولا وعلي " عليه السلام " ثانيا، لأنه أشبه الناس به، أقربهم إليه، وأشدهم دفعا عنه، لان قتل علي (ع) يضعف النبي (ص)، ويكسر شوكته. وقد وعد جبير بن مطعم غلامه