وإذا كان النص يحكي سلوكا لشخصية ما، فلا بد أن يكون بحيث يمكن أن يصدر ذلك الفعل أو الموقف من تلك الشخصية، من خلال ما عرف عنها من مميزات وخصائص، ثبتت بالدليل الصحيح والقطعي، فلا ينسب الجبن والعي مثلا لعلي بن أبي طالب، والشح والبخل لحاتم الطائي، والرذيلة والفجور لأنبياء الله سبحانه وأصفيائه، ولائمة الدين، وأولياء الله إذن.
على الباحث في السيرة النبوية المباركة: أن يبادر إلى تحديد معالم الشخصية النبوية، ومعرفة ما لها من مميزات وخصائص، فإذا ثبت لديه بالدليل: أن هذه الشخصية في أعلى درجات الحكمة، والعصمة، والشجاعة، والطهر، والحلم، والكرم، والحزم، والعلم، وغير ذلك، متحليا بكل صفات النبل والفضل، وجامعا لمختلف سمات الجلال والجمال، والكمال، ولسائر المزايا الانسانية المثلى - إذا ثبت ذلك، فلابد من جعل كل ذلك معيارا لأي نص يرد عليه، ويريد أن يسجل قولا، أو فعلا، أو موقفا له " صلى الله عليه وآله ".
فإذا جاء النص منسجما مع الوضع الطبيعي للشخصية النبوية المثلى، بما لها من خصائص فإنه يكون مقبولا، بعد توفر سائر شرائط القبول، وإلا فما علينا إذا رددناه جناح.
فالنص المقبول إذن هو ذلك الذي يسجل الحقيقة كل الحقيقة، دون أن يتأثر بالأهواء السياسية، والمصلحية، ولا بأي من العوامل العاطفية وغيرها.
فكما أننا لا يمكن أن نقبل أن يكون مرجع ديني، معروف بالورع والتقوى، قد ألف أغنية أو لحنها، للمغنية الشهيرة فلانة، فكذلك لا يمكن أن نقبل بنسبة ما هو مثل ذلك أو أقبح وأشنع منه، إلى ساحة قدس الرسول الأكرم " صلى الله عليه وآله ".