ومن أجل تكريس المذاهب الأربعة، ولكي لا يفكر أحد بالتعدي عنها، وتكون هي المعيار والضابطة دون سواها، فقد قرروا: أنه لا يحق لاحد أن يجتهد في هذه العصور المتأخرة إلا في حدود المذهب الذي ينتسب إليه، أو في دائرة خصوص مذاهب الأئمة الأربعة، ووفق أصول محددة لا مجال للتعدي عنها.
" ذكر ابن الصلاح: أنه يتعين تقليد الأئمة الأربعة دون غيرهم، لان مذاهب الأربعة قد انتشرت، وعلم تقييد مطلقها، وتخصيص عامها، ونشرت فروعها، بخلاف مذهب غيرهم " (1).
وقال الشيخ محمد نجيب المطيعي: " قد بنى ابن الصلاح على ما قاله إمام الحرمين قوله بوجوب تقليد واحد من الأئمة الأربعة دون غيرهم..
إلى أن قال: بل الحق: أنه إنما منع من تقليد غيرهم، لأنه لم تبق رواية مذاهبهم محفوظة..
إلى أن قال: امتنع تقليد غير هؤلاء الأئمة الأربعة من الصحابة وغيرهم، لتعذر نقل حقيقة مذاهبهم، وعدم ثبوته حق الثبوت " (2).
ونقل محمد فريد وجدي عن بعضهم: أنه بعد الماءتين كان الواجب على كل من المقلدين والمجتهدين المنتسبين أن ينتموا لمذهب واحد معين من المجتهدين المستقلين.
وأما من نشأ من المسلمين بعد المئة الرابعة إلى زمن صاحب كتاب (الانصاف في بيان سبب الاختلاف)، فهم إما عامي أو مجتهد منتسب،