يولونهم أمور الناس في عنفوان الدولة الأموية.
وهي إن دلت على شئ فإنما تدل على مدى الانحطاط الفكري الذي كان يهيمن على طبقة الرؤساء وأصحاب النفوذ آنئذ، فكيف يمكننا أن نتصور حالة سائر الناس ممن كانوا لا يملكون إمكانيات حتى الحصول على لقمة العيش، والاحتفاظ برمق الحياة.
قال الزبير بن بكار:
" شكا عبد الله بن عامر إلى زياد بن أبيه - وهو كاتبه على العراق الحصر على المنبر، فقال: " اما انك لو سمعت كلام غيرك في ذلك الموقف استكثرت ما يكون منك ".
قال: فكيف اسمع ذاك.؟!
قال: رح يوم الجمعة وكن من المقصورة بالقرب حتى أسمعك خطب الناس.
فلما كان يوم الجمعة قال زياد: " ان الأمير سهر البارحة فليس يمكنه الخروج إلى الصلاة. والتفت إلى رجل من سادة بني تميم، فقال له: قم فاخطب، وصل بالناس.
فلما أوفى على ذروة المنبر قال: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أشهر.
قالوا: قبحك الله. - جل ثناؤه - يقول: في ستة أيام. وتقول أنت:
في ستة أشهر. فنزل والتفت إلى شريف لربيعة فقال له: قم فاخطب.
فلما ارتقى على المنبر ضرب بطرفه، فوقع على جار له كان يخاصمه في حد بينهما.
فقال: الحمد لله. وارتج عليه. فقال لجاره: اما بعد فان نزلت إليك يا أصلع لأفعلن بك، ولأفعلن.