فتندفع التقية بذلك مع عدم التصريح بالاعتبار، وكون المحكي عن الشافعي وأبي حنيفة ومالك وغيرهم عدم اعتبار ذلك بل قيل إنه المشهور بينهم فتوى ورواية لا ينافي وجودها من غيرهم، كأبي ثور وأبي يوسف اللذين هما في زمن الصادق (عليه السلام) وغيرهما، بل حكاه المرتضى عن ابن مسعود وابن عمر وأنس وقال: إنه لا مخالف لهم، بل الظاهر أن استفاضة النصوص بعدم العمل هنا بالشك والظن وأن شهر رمضان فريضة من فرائض الله لا يؤدي بهما تعريضا في الرد عليهم وأن المشهور بين رواتهم ومحدثيهم ذلك.
وأما صحيح محمد بن قيس فقد يقال بدلالته على المطلوب باعتبار كون المراد من الوسط فيه ارتفاع النهار، وتخصيص ذلك لكونه المظنة في ابتداء رؤية الهلال نهارا بخلاف أول طلوع الشمس أو قبلها، لا أقل من الاحتمال الذي يبطل به الاستدلال، ودعوى كون المراد من الوسط ما بعد الزوال فيدل بالمفهوم على خلاف المطلوب لا شاهد لها، بل لعل اشتراط الوسط فيما بين قبل الزوال وبعده ينافيها، وتكلف تخصيص خصوص الأخير منها لاقتضاء إلغاء المفهوم في الوسط على تقدير دخول جزء مما قبل الزوال لا داعي له، مع احتمال كون الفائدة في الاقتصار كون ذلك ابتداء مظنة الرؤية نهارا كما أومأنا إليه، فتأمل جيدا، ولعله لذلك ونحوه جعله بعضهم دليلا للمشهور، وكذا موثق إسحاق أيضا بناء على كون المراد من الوسط فيه ما عرفت، فيكون المراد الأمر باتمام صومه على أنه من شعبان كما فهمه الراوي حيث قال (عليه السلام) يعني أتم صومك إلى الليل على أنه من شعبان دون أن ينوي أنه من رمضان، لا أن المراد منه ما قبل الزوال، لحمل الأمر فيه بالاتمام على الوجوب، ولا يكون ذلك إلا للحكم بكونه لليلة الماضية للرؤية قبل الزوال، إذ هو كما ترى، ولا أقل من الاحتمال المبطل للاستدلال.