إذ لا ريب في عدم صدق الصائم على المجنون والمغمى عليه والسكران بخلاف النائم ونحوه، ولعل مراد الشيخين من كونه بحكم الصائم بالنسبة إلى سقوط القضاء لا الصحة بمعنى امتثال الأمر، وكان الذي دعاهما إلى التعبير المزبور فرقهما في القضاء وعدمه في المغمى عليه بذلك، فأوجباه على من لم تسبق منه النية، بخلاف من سبق منه، فوجب حينئذ التعبير عنه بصحة صومه، وأنه بحكم الصائم من هذه الجهة، لأنها عند الفقهاء بمعنى إسقاط القضاء، ومن هنا تقل ثمرة الخلاف في الفرض بناء على سقوط القضاء عنه كما ستعرف الحال فيه.
(و) على كل حال ف (يصح صوم الصبي المميز) مع جمعه لما عدا البلوغ من الشرائط صحة شرعية يترتب عليها الثواب بناء على ما سلف لنا سابقا من كونها عباداته شرعية كذلك لا تمرينية، ولا أنها صحيحة بمعنى جواز وصفها بها باعتبار كونها من أحكام الوضع التي لا يعتبر فيها البلوغ: فيكون حينئذ معنى صحتها ترتب الأثر عليها لولا أن تفقد الأمر، ولعل هذا هو المراد مما حكي عن ثاني الشهيدين من أن الصحة لا تستلزم كون صومه شرعيا، لأنها من خطاب الوضع، وهو لا يتوقف على التكليف، وإن كان هو كما ترى، وفي المدارك أنه غير جيد، وقد تقدم تفصيل الحال في ذلك، والله أعلم.
(و) أما (النائم) فلا خلاف ولا إشكال في صحة صومه (إذا سبقت منه النية ولو استمر إلى الليل) بل الاجماع بقسميه عليه، بل لعله من الضروريات المستغنية عن الاستدلال بالاجماع والروايات، وما في السرائر من أن النائم غير مكلف بالصوم وليس صومه شرعيا محمول على إرادة أن الامساك في حال النوم لا يوصف بوجوب ولا ندب، لعدم الأمر حينئذ، فلا يوصف بالصحة التي هي بمعنى موافقته، بخلاف الصحة التي هي بمعنى إسقاط القضاء، فما في المختلف من تغليطه في ذلك قائلا إنه بحكم الصائم وإنه لا يسقط عنه التكليف بذلك لزوال