بعد أن ذكر قول الناصر: (إذا رؤي الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية) قال: (هذا هو الصحيح، وهو مذهبنا، بل قال: إن عليا (عليه السلام) وابن مسعود وابن عمر وأنسا قالوا به، ولا مخالف لهم) وقد سمعت ما حكاه الشيخ في الخلاف عن هؤلاء، وربما يستظهر ذلك أيضا من الصدوق والكليني باعتبار إيرادهما رواية التفصيل في الفقيه والكافي، خصوصا الأول الذي ذكر في أوله أنه ما يورد فيه إلا ما يعتقد أنه حجة بينه وبين ربه، لكن من تتبع كتابه المزبور بعلم عدوله عن ذلك، كما أن من تتبع الكافي يعلم أنه قد يورد فيه ما لا يعمل به فانحصر الخلاف حينئذ فيمن عرفت، نعم مال إليه جماعة من متأخري المتأخرين، إلا أن منشأه اختلاف الطريقة، لكن من غرائب الاتفاق خيرة العلامة الطباطبائي له في مصابيحه مع استقامة طريقه، وأما ما ذهب إليه العلامة في المختلف من التفصيل بين الصوم والفطر فيعتبر في الأول دون الثاني فكأنه ليس قولا في المسألة ضرورة أن منشأه الاحتياط، بل قال في آخر المبحث: لو رأى الهلال في أول الشهر قبل الزوال ولم ير ليلة أحد وثلاثين هلال شوال وجب صومه إن كان هذا الفرض ممكنا، أو حصلت علة، لأن الاحتياط للصوم متعين، فلا يجوز الاقدام على الافطار بناء على مثل هذه الروايات المفيدة للظن المعارضة بمثلها، ومنه يعلم أن المراد بالاحتياط تأكد الصوم في الأول بنية الندب لا بنية أنه رمضان، وأنه يقوى بذلك احتمال تقدم الهلال، فلا وجه حينئذ لمناقشة بأن الاحتياط في الصوم في الأخير معارض بحرمته في العيد، وبأنه مناف لنية كونه من رمضان نعم قد يقال إن الحكم فيما ذكره من الفرع كذلك مع قطع النظر عن الاحتياط إذ من الواضح كون ذلك عند القائل أمارة يجوز تخلفها، فهو حينئذ كما لو ثبت بشهادة العدلين، ومما يؤيد أن ما في المختلف ليس قولا في المسألة وضوح عدم الفرق، بل ولا بين سائر الأهلة في الأمارة المزبورة، خصوصا مع إطلاق بعض
(٣٧٤)