والظاهر من النص والفتوى الاجتزاء بهما من غير اعتبار لحكم الحاكم بشهادتهما، بل لكل من قامت الشهادة عنده الصوم والافطار بعد فرض إحراز العدالة تمسكا باطلاق الأدلة، بل قال الصادق عليه السلام في صحيح منصور بن حازم (1) (فإن شهد عندك شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه) وفي صحيح الحلبي (2) وقد قال له: (أرأيت إن كان الشهر تسعة وعشرين يوما أقضي ذلك اليوم:
قال: لا، إلا أن تشهد لك بينة عدول، فإن شهدوا أنهم رأوا الهلال قبل ذلك فاقض ذلك اليوم) بل الظاهر من إطلاقهما الاجتزاء بهما وإن ردهما الحاكم لعدم تحقق عدالتهما أو نحو ذلك مما لم يكن كذلك عند غيره ممن شهدوا عنده.
ولو اختلف الشاهدان في صفة الهلال بالاستقامة والانحراف ونحو ذلك مما يقتضي اختلاف المشهود عليه بطلت شهادتهما، ولا كذلك لو اختلفا في زمان الرؤية مع اتحاد الليلة، ولو شهد أحدهما برؤية شعبان الاثنين وشهد الآخر برؤية رمضان الأربعاء احتمل القبول لاتفاقهما في المعنى، وعدمه لأن كل واحد يخالف الآخر في شهادته، ولم يثبت أحدهما، ولعل الأول أقوى، هذا، وفي المدارك لا يكفي قول الشاهد اليوم الصوم أو الفطر، بل يجب على السامع الاستفصال، لاختلاف الأقوال في المسألة، فيجوز استناد الشاهد إلى سبب لا يوافق مذهب السامع، نعم لو علمت الموافقة أجزأ الاطلاق كما في الجرح والتعديل، وقد يناقش بأن مقتضى شهادته كونه كذلك واقعا، وهو لا اختلاف فيه، ولذا لم يجب استفصاله في الشهادة بالملك والغصب والنجاسة ونحوها مما هي مختلفة الأسباب أيضا، وكذلك الجرح والتعديل وإن ظهر منه المفروغية من وجوب استفصال الشاهد بهما، ولعل الأمر بالعكس كما يشهد له الاكتفاء بما