والأول باطل، لانتفاء القدرة عليه، وكذا الثاني، لعدم كونه صوما شرعيا، فتعين كون المراد الأمر بصوم يوم ليلة الرؤية وإفطار يوم ليلتها.
والمناقشة في ذلك بأن ظهور لفظ الرؤية في الرؤية الشائعة المتعارفة لا يدل على عدم إرادة غيرها من اللفظ، وإنما يقتضي ذلك القطع بإرادتها منه، ويتوقف إرادة الغير وعدمها على دليل يدل عليه، ومع فرضه لا يكون ذلك معارضا له، إذ كما لا يدل اللفظ على إرادة الرؤية الغير الشائعة فكذا لا يدل على عدم إرادتها، وليس الظهور هنا بمنزلة ظهور اللفظ في المعنى الحقيقي، إذ ذاك يقتضي إرادته خاصة حذرا من لزوم المجاز، بخلافه هنا، فإن المفروض دلالة اللفظ حقيقة عليهما معا، إلا أنه ينساق إلى الذهن، منهما الشائع المتعارف، فمع فرض دليل يدل على إرادة الآخر معه لا يكون منافيا له، فظهر لك أن المعنى الظاهر من اللفظ قسمان: أحدهما الموضوع له اللفظ، وثانيهما الفرد الشائع من المعنى الموضوع له اللفظ، والأول هو الذي يقتضي عدم إرادة غيره، بخلاف الثاني الذي ما نحن فيه منه، فإنه لا يعارض ما يدل على اعتبار الرؤية قبل الزوال وبأن المراد من الأمر بالصوم بعد مضي جزء من الوقت هو الامساك في البقية المستقبلة على وجه الاعتداد به، كما ورد استعماله في ذلك في كثير من الأخبار الواردة في الصوم المندوب إذا أراده في أثناء النهار ولم يكن قد تناول مفطرا، كصحيحي عبد الرحمن (1) وموثق أبي بصير (2) وغيرهما.
يدفعها أولا اقتضاؤها اعتبار الرؤية قبل الزوال لنفسها لا لكشفها عن صلاحية الرؤية في الليلة السابقة، إلا أنه اتفق المانع من غيم أو أخطأه المتطلع