الوصول إلى الحلق قضى وكفر، وإلا فلا، وما أبعد ما بين هؤلاء وما عن ابن الجنيد ومقنع الصدوق من عدم الكراهة، لاطلاقهما نفي البأس، لكن قد يريدان مطلق الجواز، والله أعلم.
(و) السادس (شم) كل نبت طيب الريح، وعن نص أهل اللغة تسميته ب (الرياحين) بلا خلاف أجده، بل عن المنتهى الاجماع عليه، للنهي عنه في خبري ابن راشد (1) وخبر الصيقل (2) والمرسل (3) معللا في بعضها بأنه لذة ويكره للصائم التلذذ، نحو ما ورد (4) عن الصادق عليه السلام لما سئل عن تركه شم الريحان إذا صام فقال: (أكره أن أخلط صومي بلذة) ولي آخره (5) بأنه بدعة للصائم، بخلاف الطيب فإنه سنة، ومنه مضافا إلى الاجماع المزبور، وخبر أبي بصير (6) وصحيح البجلي (7) وخبر سعد بن سعد (8) وإشعار التعليل وغير ذلك يعلم إرادة الكراهة من النهي كما هو مقتضى الجمع بينها وإن ضعف سند نصوص النهي، فدغدغة سيد المدارك في الكراهة المتسامح فيها كظاهر المقنعة فيما عدا النرجس منها في غير محله.
(نعم تتأكد) الكراهة (في النرجس) للنهي عنه بالخصوص في خبر ابن رئاب (9) معللا بأنه ريحان الأعاجم، وفي الكافي (10) (أخبرني بعض أصحابنا أن الأعاجم كانت تشمه إذا صاموا، وقالوا إنه يمسك بالجوع) وفي الاستبصار (كان للمجوس يوم يصومونه، فلما كان ذلك اليوم كانوا يشمون النرجس) ومراد الجميع ما في المقنعة من أن النهي عنه خلافا لهؤلاء وتنزها عن الشبه بهم، ومن الجميع علم شدة الكراهة، ضرورة زيادته على علة كراهة