المعارف الربانية التي هي أشرف أحوال النفس الانسانية، ومن جرب ذلك واختبره بأن راض نفسه باستعماله مع ترك اللغو في أفعاله وأقواله وكان من العارفين المتنبهين عرف استغناءه عن إقامة الأدلة والبراهين، بل والفرق بينه وبين غيره من سائر العبادات، وإن كان كل منها فيه قرب إلى رب العالمين.
وعلى كل حال فما ورد في فضل الصوم وفوائده أكثر مما يحصى فضلا عما ورد في خصوص صوم شهر رمضان (1) منه ورجب (2) وشعبان (3) ويوم الغدير (4) وأيام البيض (5) وستة شوال (6) وكل خميس وجمعة (7) واثنين (8) وثلاثة أيام من كل شهر أول خميس وآخر خميس ووسط أربعاء (9) وغير ذلك، على أن فيه من الحكم العجيبة والأسرار الغريبة من معرفة عظم فضل الله في المأكل والمشرب والمنكح وشدة ألم الجوع والعطش كي يرأف الغني بالفقير وغير ذلك مما لا يخفى على من كان مسرح عقله الخوض في حكم الله ومراعاة أسراره على تفاوت الناس في هذه المرتبة حتى ينتهي إلى أهل العصمة صلوات الله وسلامه عليهم، فإنهم يعرفون ما فيه من الأسرار ما لا يعرفه غيرهم، فعن الحسن بن أمير المؤمنين (عليهما السلام) (10) (أنه جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله