بالنسبة إلى بعض الأشياء التي لا يعد تركها نقصا في حقه من شراء كتب ومراجعة أطباء وصنعة ولائم ونحوها وإن كانت هي لو فعلها من مؤنه، إذ لا تلازم بين كونها منها وعدم النقص في تركها، ضرورة أعمية المؤونة من ذلك، ولعله لذا قال الأستاذ في كشفه: (لو اقتصر في قوت أو لباس أو آلات مساكن أو أوضاع ولم يفعل ما يناسبه لم يحسب التفاوت من المؤونة على الأقوى) بل ظاهره ذلك حتى فيما يحتمل النقص بتركه، فلو فضل من مؤونته حينئذ بسبب التقتير مما لم يتخذ للقنية كالحبوب وجب الخمس فيه، وأولى منه الفاضل لا للتقتير.
أما لو أسرف وجب عليه خمس الزائد قطعا كما صرح به جماعة، بل لا أعرف فيه خلافا، بل لعله لذلك أوله ولسابقه أشير بتقييد المؤونة بالاقتصاد في معقد إجماع الغنية والسرائر والمنتهى والتذكرة، ومنه يعلم وجه ما في الدروس مستجودا له في الكفاية من أنه لو وهب المال في أثناء الحول أو اشترى بغبن حيلة لم يسقط ما وجب من الخمس حينئذ.
ولو كان عنده مال آخر لا خمس فيه أو أخرج خمسه ففي إخراج المؤونة منه خاصة أو من الربح كذلك أو بالنسبة بمعنى أنه لو كانت المؤونة مائة والأرباح مائتين والمال الآخر ثلاثمائة مثلا بسطت المؤونة عليهما أخماسا، فيسقط من الأرباح خمسها، ويخمس الباقي، وهو مائة وستون؟ وجوه كما في الروضة والمسالك وغيرهما، أحوطها الأول، وأعدلها الأخير، وأقواها الثاني وفاقا للكفاية والحدائق وظاهر الروضة، للأصل، وظاهر النصوص والفتاوى ومعاقد الاجماعات خصوصا في مثل رأس المال المحصل للربح، فإن كلامهم كالصريح في عدم احتساب شئ منه في المؤونة، وإن أطلق في الدروس، فقال: (والمؤونة مأخوذة من تلاد المال في وجه ومن طارفه في وجه، ومنهما بالنسبة في وجه) لكن قد يريد غيره، فتأمل، وخلافا لمجمع البرهان فالأول للاحتياط الذي لا يجب مراعاته