وقد استعمل ذلك في بعض الأخبار الآتية في بيان حد الترخص، بل هذا هو الاستعمال الأكثري كما يستفاد من الأخبار أيضا، ولذا اعتبروا ابتداء المسافة من خارج البلد بهذا المعنى، ولذا يصح أن يقال: فلان خرج من البلد، إذا تجاوز عن دربه وسوره.
وقد يتجاوز عن ذلك فيستعمل فيما ذكر وفي حدوده المتصلة به وبساتينه، كما مرت الإشارة إليه.
وقد يتجاوز عن ذلك أيضا فيستعمل في بلدة وقراها وقرية ومزارعها البعيدة، فيقال: فلان ساكن بغداد، وإن سكن بعض قراها.
ونحن لا نعلم المراد من البلدة والقرية التي أضيفت إليها الإقامة، ولا شك أن ذلك ليس منوطا إلى قصد المقيم حتى لو نوى المقام بالبلدة بالمعنى الأخير لم يضر الخروج إلى قراها البعيدة التي منها إليها عشرة فراسخ وأكثر ويكون المجموع في حكم الوطن، بل القدر الثابت أن قصد الإقامة في البلدة والقرية موجب للاتمام، والبلدة تستعمل في معان، والقدر المعلوم أن قصدها بالمعنى الأول - وهو ما جمعته الدور والبنيان وحفته السور والجدران - يوجب الاتمام قطعا، والباقي غير معلوم لنا، فلا يعلم تعلق الحكم به أيضا.
فإن قلت: معنى البلدة في إقامة البلدة مركبة غير معناها مفردة.
قلنا - مع أنه خلاف الأصل للعلم بالمعنى التركيبي لغة -: إنه لو قال: أقم في داخل السور، فهل يفهم جواز التجاوز عنه؟ بل لا شك في عدم جوازه، فإذا احتمل كون المراد بالبلدة ذلك المعنى كيف يتفاوت معنى إقامة البلدة؟!
نعم في معنى الإقامة عشرة أيام عرفا توسع لا يضر الخروج ساعة أو ساعتين أو ساعات حتى لو قال: أقم داخل السور عشرة أيام، لم يضر هذا القدر من الخروج إذا لم يبعد المسافة كثيرا، وهو توسع في معنى الإقامة مختلف باختلاف مدته قصرا وطولا أو في معنى عشرة أيام، لا في معنى البلدة.
ومن هذا يظهر أن ما نقله في الحدائق ناسبا له إلى الغفلة، وهو أنه اشتهر