والايراد على بعض هذه الأخبار بأنه حكم بالقصر للمسافر، ونحن لا نسلم أن الداخل في موضع سماع الأذان مسافر، باطل جدا، لأنه قبل دخوله فيه مسافر قطعا فحكم له بالقصر حتى دخل البيت أو المنزل.
وحمل البيت والمنزل في بعض هذه الأخبار على ما بحكمهما وهو ما دون الترخص، بعيد جدا بل خلاف الأصل، مع أنه لا يمكن حمل غير الصحيحتين الأوليين والموثقة الأولى على ذلك أصلا سيما في الموثقة الثانية المتضمنة لدخول البلد والحكم فيها مع ذلك بالقصر إلى دخول الأهل.
وحملها على أن الحكم به معه إنما هو لسعة الكوفة يومئذ، فلعل البيوت التي دخلها لم يبلغ حد الترخيص المعتبر في مثلها وهو آخر محلته..
مردود أولا: بما مر من عدم التفرقة بين البلد الكبير والمعتدل.
وثانيا: بعموم الجواب الناشئ عن ترك الاستفصال خصوصا مع قوله بعد الحكم بالتقصير: " حتى يدخل أهله ".
وثالثا: بأنه ورد في موثقة غياث بن إبراهيم: أن مولانا الباقر عليه السلام كان يقصر الصلاة حين يخرج من الكوفة في أول صلاة تحضره (1)، دلت على أن قصر الصلاة كان بعد الخروج من الكوفة، إلا أن ذلك إنما يتم لو جعل الحين ظرفا للتقصير، ويحتمل أن يكون ظرفا للخروج فلا يتم التقريب فيها، مضافا إلى أنه يمكن أن يكون بيته عليه السلام في أواخر البلد.
والخدش فيها بورودها مورد الغالب من أن المسافر إذا بلغ حد الترخص يسارع إلى أهله من غير مكث للصلاة كما هو المشاهد غالبا من العادة، فلا يطمئن بشمول إطلاق الحكم بالقصر إلى دخول الأهل لمحل البحث، كلام شعري لا ينبغي الاصغاء إليه.
أقول: هذه الأخبار وإن كانت مستفيضة مشتملة على عدة من الصحاح،