من يخطب لا تجب أربع ركعات فتجب الجمعة، ولما انتفى الوجوب العيني بما مر ثبت التخييري.
وأما أفضلية الجمعة، فلصحيحة زرارة، وموثقة عبد الملك المتقدمتين (1)، المصدرة أولاهما بقوله: " حثنا " والثانية بقوله: " مثلك يهلك " حيث إن ظاهرهما يشعر بأن الرجلين كانا متهاونين بالجمعة، ولم يقع من الإمامين إنكار عليهما، فلا تكون واجبة، ولكن ترغيبه إياهما يدل على الاستحباب.
وبعض أخبار أخر مرت، وكانت قاصرة عن إفادة الوجوب، إما لاشتمالها على الجملة الخبرية، أو التحذير بما يحذر بمثله في ترك المستحبات.
والمروي في مصباح المتهجد: " إني لأحب للرجل أن لا يخرج من الدنيا حتى يتمتع ولو مرة، وأن يصلي الجمعة في جماعة " (2).
وروي في أمالي الصدوق أيضا بزيادة قوله: " ولو مرة " بعد قوله " في جماعة " أيضا (3).
ويضعف الأول: بأنه جمع بلا شاهد.
والثاني: بمنع أعمية الوجوب المستفاد من الأمر; لاختصاصه - بحكم التبادر - بالعيني، بل وكذا في مطلق الوجوب، ولأن مآل التخيير إلى وجوب شئ آخر غير الفرد وهو أحدهما لا على التعيين.
سلمنا الأعمية ولكن غير الإجماع من أدلة الاشتراط يدل على اشتراط الوجوب المستفاد من تلك الأوامر، فإذا انتفى الشرط انتفى المشروط سواء كان وجوبا عينيا أو تخييريا.
والثالث: بأنه إنما يصح لو تمت دلالة أدلة الجمعة على الوجوب، ثم على عدم ثبوت تخصيص عمومات الجمعة بما مر من أدلة الاشتراط، أو عدم خروجها