كالإجماع المحكي المتقدم في وجوب الإحضار لذوي المروات أيضا، مع عدم مخالف فيه عدا الإسكافي، وهو شاذ.
هذا; مضافا إلى ما استدل به الشيخ لوجوب الإحضار مطلقا من أن الحاكم منصوب لاستيفاء الحقوق وحفظها وترك تضييعها، فلو قلنا إنه لا يحضره ضاع الحق وبطل، لأن الرجل ربما تسلط على مال الغير وأخذه وجلس في موضع لا حاكم فيه، وما أفضى إلى هذا بطل في نفسه، واعترضه الفاضل (رحمه الله) في المختلف، حيث إنه ممن منع الإحضار مع الغيبة في الجملة بمنع الملازمة، قال: فإن الحاكم يطالب المدعي بإثبات حقه فإذا ثبت فإن حضر وإلا باع ماله ودفعه إلى المدعي. أما لو لم يتمكن الحاكم من الإثبات وطلب غريمه لإحلافه أو لم يكن له مال وكان بيد الغائب ما يقضي به الحق الثابت عند الحاكم فإن الحاكم هنا يبعث في طلبه على ما قاله الشيخ (1).
وسياق كلامه مع الشيخ - كما ترى - إنما هو النزاع معه في وجوب الإحضار مع الغيبة مطلقا لا وجوبه لذوي المروات، كما فهمه منه الفاضل المقداد في شرح الكتاب، حيث نسب فيه القول بمنع إحضارهم إلى المختلف، وجعله موافقا للإسكافي (2).
ثم إن ما ذكره في المختلف من وجوب الإحضار مع الغيبة في بعض الصور الذي ذكره إنما هو بعد تحرير الدعوى وسماعها. وأما قبله فقد ذكر جماعة بأنه إن كان الغائب في محل ولاية القاضي فإن كان له نائب لم يحضره بل يسمع البينة ويكتب إليه وإن لم يكن هناك بينة أنفذه إلى خليفته ليحكم بينهما، وإن لم يكن له نائب فإن كان هناك من يصلح للاستخلاف أذن له في القضاء بينهما.