في المزكى أن يكون خبيرا بباطن من يعد له إما بصحبة أو جوار ومعاملة ونحوه (1). ونحوها باقي الأخبار، الدالة على اعتبار الخير والصلاح في العادل، إذ مقتضاها اعتبار العلم بوجودهما في نفس الأمر، كما مضى، ولا يحصل إلا بالخبرة الباطنية.
ونحو هذه الأخبار كلمة القدماء، المعبر عنه بالمعروف بالدين والورع كما في كلام المفيد، أو بالستر والعفاف إلى آخر ما في الصحيحة كما في كلام النهاية، أو بحصوله على ظاهر الإيمان والستر والعفاف واجتناب القبائح أجمع ونفي التهمة والظنة والحسد والعداوة كما في كلام القاضي (2) ونحوه كلام الحلبي (3) بل وأظهر، حيث إنه اعتبر ثبوته على هذه الصفات لا حصوله على ظاهرها ومعرفة ثبوته عليها لا تحصل إلا بالمعاشرة الباطنية، كما عرفت.
وليس في اعتبار القاضي الظهور دون الثبوت منافاة لذلك، لأن الظاهر أن مقصوده من التعبير به التنبيه على عدم إمكان العلم بالثبوت في نفس الأمر، لأنه من خصائص الله تعالى سبحانه، لا أنه لا يحتاج إلى المعاشرة الباطنية.
كيف لا! وظهور اجتناب المحرمات لا يحصل إلا برؤيته متمكنا منها فاجتنب عنها، كأن عومل فاجتنب الكذب والظلم وائتمن فرد الأمانة ووعد فوفى ونحو ذلك، فإنه إذا رئي كذلك صدق ظهور اجتنابه الكبائر، لا أنه إذا رئي في الظاهر مجتنبا عنها مع عدم العلم بتمكنه منها فصدق عليه أنه على ظاهر الاجتناب، إذ هو لا يصدق حقيقة إلا بعد التمكن من فعل المجتنب.