الشرائع (1) من اختصاص تحريم الرشوة بطلب التوصل إلى الحكم بالباطل دون الحق، ولكن ذكر جماعة تحريمها على التقديرين، خصوصا من جانب المرتشي، وقد قدمنا ثمة أنها محرمة على المرتشي مطلقا، وعلى الراشي كذلك، إلا أن يكون محقا ولا يمكن وصوله إلى حقه بدونها، فلا تحرم عليه حينئذ.
وعلى هذا يحتاج إلى فرق آخر، والأظهر فيه أن يقال: إن دفع المال إلى القاضي ونحوه من العمال إن كان الغرض منه التودد أو التوسل لحاجة من العلم ونحوه فهو هدية، وإن كان التوسل إلى القضاء والعمل فهو رشوة صرح بذلك شيخنا في المسالك (2) وغيره. ولعل وجهه التبادر العرفي.
وما في مجمع البحرين من أنها ما يعطيه الشخص الحاكم وغيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد. وقريب منه في القاموس وكنز اللغة. وهو كما ترى عام لما إذا كان الحكم باطلا أو حقا، فلا وجه لتخصيصها بالأول.
نعم في النهاية الأثيرية الراشي الذي يعينه على الباطل.
والفرق بينهما وبين أخذ الجعل على القضاء من المتحاكمين أو أحدهما لو قيل بجوازه أخفى.
وبيانه: أن الغرض من الرشوة أن يحكم لباذلها على التعيين لحق أو باطل وفي الجعل إن شرط وعليها أو على المحكوم عليه، فالفرق واضح، لأنه حينئذ في مقابلة عمله معهما وفصل الحكومة بينهما من غير اعتبار الحكم لأحدهما بخصوصه، وان شرطه على المحكوم له فالفرق أن الحكم لا يتعلق الغرض فيه بأحدهما بخصوصه، بل من اتفق له الحكم منهما على الوجه المعتبر يكون عليه الجعل. وهذا ليس فيه تهمة ولا ظهور غرض،