خصوصا في المدن الكبيرة، والقاضي المنفذ إليها من بلاد بعيدة. وهو في غاية من القوة، إلا أن الاحتياط في المصير إلى الأول البتة.
هذا، مع أن الذي يقتضيه التدبر في حسن الظاهر المستفاد من الأخبار عدم منافاته للقول بالملكة، من حيث التعبير عنه في الصحيح منها برؤيته مواظبا على الصلوات الخمس ومعروفيته بالستر والعفاف وكف البطن والفرج عن المحرمات، وهما سيما الثاني تتوقفان على نوع معاشرة واختيار مطلع على باطن الأحوال.
وذلك فإنه لا يقال: فلان معروف بالشجاعة مثلا إلا بعد أن يعرف حاله في ميدان القتال ومناضلة الأبطال، فإذا كان ممن يقتل الرجال ولا يتولى الدبر في موضع النضال ويقاوم الشجعان ويصادم الفرسان صح وصفه بالشجاعة، وانه معروف بها. وكذلك فيما نحن فيه لا يقال: فلان معروف بالكف عن الحرام إلا بعد اختباره بالمعاملات والمحاورات الجارية بين الناس، كما لو وقع في يده أمانة أو تجارة أو نحو ذلك وجرى بينه وبين غيره خصومة أو نزاع، فإن كان ممن لا يتعدى في ذلك الحدود الشرعية فهو العادل، وإلا فغيره.
وأما من لم يحصل الاطلاع على باطن أحواله وإن رئي مواظبا على الصلوات والتدريس والتدرس ونحو ذلك فهو من قبيل مجهول الحال، لا يصدق أنه يعرف بالاجتناب عن المحرمات، بل يحتمل أن يكون كذلك وأن لا يكون.
وأظهر من هذه الصحيحة الأخبار الأخيرة، المعبرة عنه بمعاملته مع الناس فلم يظلمهم إلى آخر الأمور المعدودة فيها، وهي لا تقصر عن المعاشرة الباطنية، بل لعلها عينها، كما يظهر من المسالك، حيث قال: يعتبر