لالتماس شاهد الأصل رعاية شهادته والشهادة بها، ولا خلاف في جواز التحمل به على الظاهر المصرح به في الكفاية (1) وغيره، بل عليه الإجماع في الإيضاح (2) والتنقيح (3) والمسالك (4).
وألحق به جماعة أن يسمعه ويسترعي آخر، قالوا: ودونه أن يسمعه يشهد عند الحاكم وإن لم يسترعه، لأنه لا يتصدى للإقامة عند الحاكم إلا بعد تحقق الوجوب، ودونه أن يسمعه يبين سبب وجود الحق من ثمن مبيع أو قرض أو غير ذلك، لأنه بعيد عن التساهل والوعد.
أما لو قال أشهد أن عليه كذا من دون استرعاء ولا ذكر سبب ولا في مجلس الحكم فلا يجوز شهادة الفرع، لاعتياد التسامح بذلك من غير تحقق لغرض صحيح أو فاسد، بخلاف ما لو سمعه يقر لآخر فإنه يجوز الشهادة عليه، لأنه مخبر عن نفسه، ولأنه يعتبر في الشهادة ما لا يعتبر في الإقرار.
والأصل في ترتيب هذه المراتب هو الشيخ في المبسوط (5)، ووافقه الإسكافي (6) على القبول في صورة الاسترعاء خاصة، وظاهره المنع فيما عداها، والمتأخرون تبعوا الشيخ، إلا في الجزم بالقبول في المرتبة الثالثة فقد تردد فيه الفاضلان (7) وغيرهما، وجزموا بالفرق بينها وبين الرابعة، عدا الماتن في الشرائع (8) فقد استشكله. قيل: لاشتمالهما على الجزم الذي لا يناسب العدل أن يتسامح به (9).
فالواجب إما القبول فيهما، أو الرد كذلك، لكن الأول بعيد، بل لم يقل به أحد، فيتعين الثاني.