والتحقيق أن يقال: أن هذه المراتب خالية عن النص، كما ذكره الحلي، مترددا به فيها بعد أن نقلها عن المبسوط (1)، فينبغي الرجوع إلى مقتضى الأصول، وهو ما قدمناه من اعتبار علم الفرع بشهادة الأصل، من دون فرق بين الصور المتقدمة، حتى لو فرض عدمه في صورة الاسترعاء، وإن بعد باحتمال إرادة الأصل منه المزاح ونحوه لم يجز أداء الشهادة على شهادته، ولو فرض حصوله في الصورة الرابعة التي هي عندهم أدونها جاز، بل وجب.
وبالجملة لا بد من العلم بشهادة الأصل، فحيثما حصل تبع، وحيث لا فلا.
وإلى هذا يشير كلام الفاضل المقداد في الشرح، حيث قال - بعد أن نقل من الماتن التردد في المرتبة الثالثة -: والأجود أنه إن حصلت قرينة دالة على الجزم وعدم التسامح قبلت، وإن حصلت قرينة على خلافه كمزاح أو خصومة لم تقبل (2).
وأظهر منه كلام المقدس الأردبيلي (رحمه الله)، فإنه قال - بعد ذكر التردد ووجهه -: والأقوى أنه إن تيقن عدم التسامح صار متحملا، وإلا فلا.
وبالجملة ينبغي العمل بعموم الأدلة، ففي كل موضع يحصل اليقين بشهادة الأصل مجزوما يقينا بأن الأصل شهد بكذا وليس فيما قاله مسامحة ومماشاة للفرع أن يشهد بشهادته ويقبل، وإلا فلا خصوصية بعبارة دون اخرى، إلا أن بعض العبارات أولى وأصرح من البعض. ثم إنه ينبغي أن يأتي الفرع وقت الشهادة بمثل ما أشهد، فإن كان في المرتبة الأولى يقول أشهدني على شهادة فلان بن فلان إلى آخره، وفي الثانية يقول: أشهد أن فلانا شهد عند الحاكم