جماعة منهم الشيخ وابن الجنيد وأبو الصلاح إلى عدم الوجوب إلا مع الاستدعاء، لصحيحة محمد بن مسلم. ثم ساقا جملة من الأخبار المطلقة (1).
وعبارتهما هذه كالنص، بل نص في أن الشيخ ومن بعده لم يقولوا بالوجوب في صورة عدم الاستدعاء بالكلية ولو كفائية. وهذا مع منافاته لعبارتهما المتقدمة مناف لما نسبه إليهم الفاضل والشهيد، كما عرفته وعرفت أن الحق معهما.
(ويكره أن يشهد) المؤمن (لمخالف) له في المذهب (إذا خشي أنه لو استدعاه إلى الحاكم) ليشهد له (ترد شهادته) فيكون قد أذل نفسه كما في المرسل قلت له: إن شريكا يرد شهادتنا، قال: فقال: لا تذلوا أنفسكم (2).
وقصور سنده بل ضعفه يمنع عن العمل به، سيما وأن يخصص به عموم أدلة وجوب إقامة الشهادة من الكتاب والسنة، ولذا أن في التحرير (3) نسب الحكم إلى الرواية، مشعرا بتردده فيه، وحمله الصدوق في الفقيه على كراهية التحمل دون الأداء (4)، ونحوه الحلي.
فقال: وفقه هذه الرواية أنه إنما يكره أن يتحمل له شهادة ابتداء، فأما إن تحملها فالواجب عليه أداؤها وإقامتها إذا دعي ذلك عند من دعى إلى إقامتها عنده، سواء ردها، أو لم يردها قبلها، أو لم يقبلها بغير خلاف، لقوله تعالى:
«ومن يكتمها فإنه آثم قلبه» (5) انتهى.
وظاهرهما عدم الاستشكال في جواز ترك التحمل، وهو مشكل جدا،