وثانيا: بأنه ليس بأولى من عمومات الأدلة الدالة على حرمة التصرف في مال الغير بغير رخصة، وأنه خيانة، فكما خصصت بأدلة جواز المقاصة، فلتكن العمومات المستدل بها هنا أيضا مخصصة.
والثالث: أولا: بما أجيب به عن الإجماع المتقدم.
وثانيا: بعدم الصراحة، لاحتمالها الحمل على الكراهة، أو على ما إذا لم يجتمع بعض شروط جواز المقاصة المتقدمة التي منها عدم التمكن من الانتزاع منه إلا بها، وعدم إحلافه سابقا، وغير ذلك، فتحمل على صورة التمكن منه بغيرها أو إحلافه.
ويعضده تضمن هذه الروايات النهي عن الخيانة، ولا يحصل مع الأخذ مقاصة، لأنه في قوة أداء الأمانة إلى من ائتمنه، لأنه وفى منها دينه بإذن الشارع العام كما سبق، فكان بمنزلة أدائها إلى وكيله، وأداء الأمانة إليه قائم مقام الأداء إلى المالك، ولا تتحقق الخيانة بذلك، لأن استيفاء الحق ليس بخيانة، وإنما مقتضى الخيانة أكل الوديعة بغير حق.
وإلى هذا يشير جملة من الروايات المتقدمة المتضمنة للدعاء، فأن في جملته: اللهم إني لم آخذه ظلما ولا خيانة وإنما أخذته بدل مالي الذي أخذه (1).
وهو كما ترى ظاهر في أن الأخذ بدل الحق ليس ظلما ولا خيانة.
وقريب منها في الدلالة عليه الخبر: كتبت إلى أبي الحسن (عليه السلام) فأخبرته أني قد أحلفته فحلف وقد وقع له عندي مال فإن أمرتني أن آخذ منه الألف درهم التي حلف عليها؟ فكتب: لا تأخذ منه شيئا إن كان ظلمك فلا تظلمه، ولولا أنك رضيت بيمينه فحلفته لأمرتك أن تأخذ من تحت يدك، ولكنك