باعت ما لا تملك " وقوله عليه السلام في الثالثة " لا تشترها إلا برضاء أهلها " ونحوها رواية الإحتجاج، ورواية قرب الإسناد، ظاهرة العموم للفردين المذكورين، وخصوص السؤال لا يدافع عموم الجواب كما تقرر في أصولهم، والعبرة إنما هو بعموم الجواب فإنها ظاهرة بل صريحة في أن ما لا يملكه الانسان لا يجوز وقوع البيع فيه، أعم من أن يكون البيع للبايع أو لصاحب ذلك المبيع، من غير رضاه وإذنه.
وبالجملة فالقول بما عليه الشيخ وأتباعه من البطلان هو المختار، كما دلت عليه صحاح الأخبار على أنا لا نحتاج في الابطال إلى دليل، بل المدعي للصحة عليه الدليل، كما هو القاعدة المعلومة بين العلماء جيلا بعد جيل، وقد عرفت ما في أدلتهم وأنها لا تسمن ولا تغني من جوع كما لا يخفى.
* * * المقام الثاني قال في الشرايع - بعد أن صرح بوقوف البيع الفضولي على الإجازة -: فإن لم يجز كان له انتزاعه من المشتري ويرجح المشتري على البائع بما دفع إليه وبما اغترمه من نفقة أو عوض عن أجرة أو نماء، إذا لم يكن عالما أنه لغير البائع أو ادعى البائع أن المالك أذن له، وإن لم يكن كذلك لم يرجع بما اغترمه.
وقيل: لا يرجع بالثمن مع العلم بالغصب. انتهى.
وعلل في المسالك عدم رجوع المشتري بما اغترمه، قال: لأنه حينئذ غاصب مفرط فلا يرجع بشئ مما يغرمه للمالك مطلقا، وعلل عدم رجوعه بالثمن مع العلم بالغصب بأنه دفعه إليه وسلطه عليه مع علمه بعدم استحقاقه، فيكون بمنزلة الإباحة.
أقول: الظاهر أن المراد بالغصب - هنا - المعنى الأعم من الغصب الصرف ومن الفضولي، وهو البيع من غير إذن، فإنه حكم في شرح اللمعة بأنه لا رجوع بالثمن مع العلم بكونه غير مالك ولا وكيل، لأنه سلطه على اتلافه مع علمه بعدم استحقاقه له، فيكون بمنزلة الإباحة.