المقدمة الثانية في آداب التجارة وأوجبها وأهمها التفقه في الدين. وقد تقدم الكلام في ذلك وتقدمت الأخبار الدالة عليه بأوضح دلالة. ليعرف كيفية الاكتساب ويميز بين صحيح العقود وفاسدها لأن العقد الفاسد لا يوجب نقل الملك عن مالكه. بل هو باق على ملك الأول. فيلزم من ذلك تصرفه في غير ملكه ويركب المآثم من حيث لا يعلم، إلى غير ذلك من المفاسد والمآثم المترتبة على الجهل.
ومن ثم استفاضت الأخبار كما عرفت بالحث على التفقه وتعلم أحكام التجارة.
ومنها أنه يستحب أن يساوي بين المبتاعين والبايعين، فالصغير عنده بمنزلة الكبير، والغني كالفقير، والمجادل كغيره، والمراد أن لا يفاوت بينهما في الانصاف بالمماكسة وعدمها.
والظاهر أنه لو فاوت بينهما بسبب الدين والفضل فلا بأس. قيل: ولكن يكره للأخذ قبول ذلك، حتى نقل أن السلف كانوا يوكلون في الشراء من لا يعرف، هربا من ذلك.