ولا آخرته لدنياه " (1).
قال: روى عن العالم عليه السلام أنه قال: " اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدأ واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا " (2).
إذا عرفت ذلك ففي هذا المقام فوائد لطيفة، وفرايد منيفة، تهش إليها الطباع القويمة، وتلتذ بها الأسماع السليمة:
الفائدة الأولى إعلم أنه كما استفاضت الأخبار بالأمر بطلب الرزق وذم تاركه، حتى ورد لعن من ألقى كله على الناس، كما تقدم (3) وورد الترغيب فيه كما تقدم، حتى ورد أيضا أن العبادة سبعون جزءا، أفضلها طلب الحلال، كما قد استفاضت الأخبار بطلب العلم و وجوب التفقه في الدين وأنه فريضة على كل مسلم كما في الكافي (4) والتهذيب و غيره من الأخبار المتكاثرة بذلك.
وجملة من عاصرناه من علمائنا الأعلام ومشايخنا الكرام ومن سمعنا به قبل هذه الأيام كلهم كانوا على العمل بهذه الأخبار، فإنهم كانوا مشغولين بالدرس والتدريس ونشر أحكام الشريعة والتصنيف والتأليف من غير اشتغال بطلب المعاش وغير ذلك مع ما عرفت من تلك الأخبار من مزيد الذم لتارك الطلب حتى ورد لعنه، الدال على مزيد الغضب.
وحينئذ فلا بد من الجمع بين أخبار الطرفين على وجه يندفع به التنافي من البين، وذلك بأحد وجهين: