يوافقه عليه من غير عقد، ثم يهلك عند القابض فيلزمه الثمن المسمى. انتهى.
أقول: ويؤيده أن التسمية بالمعاطاة في هذا البيع إنما وقعت في كلامهم.
إذ لا نص في المقام فوجوب ترتب الصحة على الاعطاء من الجانبين - بناءا على هذا اللفظ - لا وجه له نعم لو كان هنا نص ورد بهذه التسمية لاقتضى تفريع ذلك عليه. وحينئذ فالمرجع في ذلك - بناء على أصولهم في هذه المسألة - إلى ما علل به في الوجه الثاني - بناء على ما اخترناه - دلالة النصوص على كون ذلك بيعا صحيحا شرعيا، لما عرفت آنفا من أن اشتراط هذه الصيغة الخاصة غير ثابت، بل يكفي مجرد الألفاظ الدالة على التراضي، مع استكمال باقي الشرائط المعتبرة في البيع. والله العالم.
(السادس): قال في المسالك: ذكر بعض الأصحاب ورود المعاطاة في الإجارة والهبة، بأن يأمره بعمل معين ويعين له عوضا، فيستحق الأجرة بالعمل، ولو كانت إجارة فاسدة لم يستحقق شيئا مع علمه بالفساد، بل لم يجز له العمل والتصرف في ملك المستأجر، مع اطباقهم على جواز ذلك، واستحقاق الأجر. إنما يكون الكلام في تسمية المعاطاة، في الإجارة، وذكر في مثال الهبة: ما لو وهبه بغير عقد فيجوز للقابض اتلافه، وتملكه به، ولو كانت هبة فاسدة لم يجز. ولا بأس به، إلا أن في مثال الهبة نظرا، من حيث إن الهبة لا تختص بلفظ، بل كل لفظ يدل على التمليك بغير عوض كاف فيها كما ذكروه في بابه، وجواز التصرف في المثال المذكور موقوف على وجود لفظ يدل عليها، فيكون كافيا في الإيجاب. اللهم إلا أن يعتبر القبول اللفظي مع ذلك ولا يحصل في المثال فيتجه ما قاله. انتهى.
أقول: لا يخفى على من مارس الأخبار أنه لا وجه لتخصيص هذا البعض ما ذكره بالإجارة والهبة، وذلك فإن غاية ما يستفاد منها بالنسبة إلى جميع العقود، أنه لا يعتبر فيها أزيد من الألفاظ الدالة على الرضا بمضمون ذلك العقد، كيف كانت، وعلى أي نحو صدرت، ومع استكمال جميع ما يشترط فيه، من غير توقف على الصيغ