الحدائق الناضرة - المحقق البحراني - ج ١٨ - الصفحة ١٥٣
يظهر لك أيضا حمل خبر البراء الذي نقله، على المؤمن أيضا، لقوله فيه " من تتبع عورة أخيه " إذ لا إخوة بين المؤمن والمخالف، كما عرفت.
وليت شعري أي فرق بين من كفر بالله سبحانه وتعالى ورسوله، وبين من كفر بالأئمة - عليهم السلام -؟ مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين بنص الآيات والأخبار الواضحة الدلالة كعين اليقين.
ورابعا: أن ما استند إليه من ورود الأخبار الدالة على تحريم الغيبة بلفظ " المسلم " ففيه:
أولا: إنك قد عرفت أن المخالف كافر، لاحظ له في الاسلام بوجه من الوجوه، كما حققناه في كتابنا " الشهاب الثاقب ".
وثانيا: مع تسليم صحة اطلاق الاسلام عليه، فالمراد به: إنما هو منتحل الاسلام، كما تقدمت الإشارة إليه، والمراد هنا: إنما هو الاسلام بالمعنى الأخص، وهو المؤمن الموالي لأهل البيت - عليهم السلام -.
إذ لا يخفى وقوع اطلاق الاسلام على هذا المعنى في الآيات والروايات، ومنه:
قوله تعالى: " إن الدين عند الله الاسلام " (1) وقوله عز وجل في حق الأئمة -:
" هو سماكم المسلمين " (2) وقوله: " فما وجدنا غير بيت من المسلمين " (3).
كما أن الايمان يطلق أيضا تارة على الاسلام بالمعنى الأعم، كقوله عز وجل:
" يا أيها الذين آمنوا آمنوا " (4) فإن المخاطبين هم المقرون بمجرد اللسان، أمرهم بالايمان بمعنى التصديق. واطلاق المسلم بالمعنى الذي ذكرناه في الأخبار أكثر كثير، كما لا يخفى على من له أنس بالأخبار.

(١) سورة آل عمران: ١٩ (2) سورة الحج: 78 (3) سورة الذاريات: 36 (4) سورة النساء: 136
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست