قال: وإن طرأ الوصفان بعد البلوغ والرشد، ففي ثبوت ولايتهما قولان.
ولم أقف فيما حضرني من كتب الأصحاب على من نقل الخلاف هنا غيره.
ثم إن ما يدل على الولاية للأب والجد على من بلغ مجنونا أو سفيها، لا الحاكم بالنسبة إلى السفيه، كما نسبه في المفاتيح إلى الأشهر - أولا - أصالة بقائها، حيث إنها قبل البلوغ ثابتة لهما بالاتفاق، فيستصحب إلى أن يثبت المزيل، والبلوغ على الكيفية المذكورة في حكم العدم، فإنهم كالصغير في الحجر والمنع من التصرفات.
وثانيا: قوله عليه السلام في رواية هشام بن سالم: وإن احتلم ولم يؤنس منه رشده، وكان سفيها أو ضعيفا، فليمسك عنه وليه ماله (1).
وروى في الفقيه عن الصادق عليه السلام: أنه سئل عن قول الله تعالى " فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ": قال: إيناس الرشد حفظ المال (2).
ونقل في مجمع البيان عن الباقر - عليه السلام - تفسير إيناس الرشد بالعقل واصلاح المال.
وحينئذ فالموجب لدفع ماله إليه من الولي هو البلوغ مع الرشد، فلو لم يحصل فالولاية ثابتة ومستمرة عليه.
وبه يضعف القول بكون الولاية للحاكم في الصورة المتقدم ذكرها، وإن كان هو الأشهر، كما في المفاتيح والعجب أنه لم يتنبه لذلك مع ظهور الأخبار المذكورة فيه.
(الثاني): قد عرفت مما قدمنا، أن الولاية بعد الأب والجد وكيلهما أو وصيهما للحاكم، وهو مما لا خلاف فيه إلا من ابن الجنيد، فإنه جعلها للأم الرشيدة بعد الأب، وهو شاذ متروك عند الأصحاب، بل نقل عنه في المختلف ثبوت الولاية للجد من قبلها في النكاح.