السابع: قد صرحوا بأنه يجوز ابتياع جزء معلوم بالنسبة كالنصف والثلث - مثلا - مشاعا، تساوت أجزاؤه كالحبوب والأدهان أو اختلفت كالجواهر والحيوان، إذا كان الأصل الذي بيع جزؤه معلوما بما يعتبر فيه من كيل أو وزن أو عد أو مشاهدة، فيصح بيع نصف الصبرة المعلومة المقدار والوصف، ونصف الشاة المعلومة بالمشاهدة أو الوصف.
أقول: ودليل الجواز فيما ذكروه هنا ظاهر، وهو عموم أدلة البيع بشروطه المعتبرة فيه، فلو باع شاة غير معلومة من قطيع غنم معلوم العد مشاهد، وإن تساوت أثمان ما اشتمل عليه من الشاة، لم يصح لمجهولية المبيع، ولو باع قفيزا من جرة مجهولة، فهل يعتبر العلم باشتمالها على المبيع، أو أخبار البائع بذلك، وإلا لم يصح، أو أنه يصح البيع، فإن نقصت تخير المشتري بين أخذ الموجود منها بحصته من الثمن، وبين الفسخ، لتبعض الصفقة قولان.
والظاهر: أن المشهور الأول. والثاني اختيار الشهيد في اللمعة.
ثم إنه مع العلم باشتمالها على المبيع وصحة البيع - كما هو قول المشهور فهل يتنزل على الإشاعة، أو يكون المبيع قفيزا في الجملة، وجهان. قرب في المسالك الثاني. وتظهر الفائدة فيما لو تلف بعضها، فعلى الأول فيتلف من المبيع بالنسبة، وعلى الثاني يبقى المبيع ما بقي قدر المبتاع.
أقول: والذي وقفت عليه من الأخبار، مما يتعلق بهذه المسألة: ما رواه الشيخ في الصحيح عن بريد بن معاوية، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل اشترى من رجل عشرة آلاف طن في أنبار بعضه على بعض من أجمة واحدة، والأنبار فيه ثلاثون ألف طن، فقال البائع: قد بعتك من هذا القصب عشرة آلاف طن، فقال المشتري. قد قبلت واشتريت ورضيت. فأعطاه من ثمنه ألف درهم، ووكل المشتري من يقبضه، فأصبحوا وقد وقع النار في القصب فاحترق منه عشرون ألف طن، وبقي عشرة آلاف طن،