لا يقال: إن السؤال في الرواية إنما وقع عن أرض متنازع فيها، معلوم عدم إجازة المالك فيها على تقدير الفضولية، لأنا نقول: موضع الاستدلال في الخبر إنما هو قوله " لا تشترها إلا برضاء أهلها " الدال على تحريم الشراء قبل تقدم الرضا.
ودعوى قيام الإجازة المتأخرة مقام الرضا السابق، مع كونه لا دليل عليه، مردود بما ينادي به الخبر من المنع والتحريم، إلا مع تقدم الرضا.
وحاصل معنى الجواب تطبيقا على السؤال: أن الأرض المذكورة لما كانت محل النزاع فلا تشترها حتى تعلم مالكها من أي الفريقين، ويكون راضيا بالبيع.
ومنها: موثقة سماعة قال: سألته عن شراء الخيانة والسرقة. فقال: إذا عرفت أنه كذلك فلا (1)، فقد نهى عليه السلام عن الشراء مع العلم. والنهي دليل التحريم، وليس ذلك إلا من حيث إن المبيع غير صالح للنقل، لكون التصرف فيه غصبا محضا، و التصرف في المغصوب قبيح عقلا ونقلا. والأصحاب في مثل هذا يحكمون بالصحة والوقوف على الإجارة، وهل هو إلا رد لهذا الخبر ونحوه، ولكنهم معذورون من حيث عدم الاطلاع على هذه الأخبار، إلا أنه يشكل هذا الاعتذار بالمنع من الفتوى إلا بعد تتبع الأدلة من مظانها، والأخبار المذكورة في كتب الأخبار المتداولة في أيديهم مسطورة.
ومنها: ما رواه في الإحتجاج مما خرج من الناحية المقدسة، في توقيعات محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، في السؤال عن ضيعة للسلطان فيها حصة مغصوبة، فهل يجوز شراؤها من السلطان أم لا؟ فأجاب عليه السلام الضيعة لا يجوز ابتياعها إلا من مالكها أو بأمره أو رضا منه (2).
والتقريب فيها ما تقدم من تحريم الشراء إلا بعد تقدم رضاء المالك.