المال، فلا وجه للفرق فيه بين القاضي وغيره، إلا أنه يمكن دفعه بأنه لما كان أخذه هنا إنما هو في مقابلة القضاء، كما يدل عليه ظاهر الخبر الأول، كان حراما لهذه الجهة، ولا ينافي لما حله له من حيث كونه من جملة المسلمين أو المحتاجين.
والمحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد اختار القول بالتحريم مطلقا، استنادا إلى أخبار تحريم الرشا، وإلى أنه مع تعينه عليه بأحد الوجوه المتقدمة يكون واجبا، والواجب لا يجوز أخذ الأجرة عليه.
وفيه: أن أخبار الرشا أخص من المدعى، لأن الرشوة ما يؤخذ من المتحاكمين على الحكم لصاحب الرشوة، فتكون الرشوة في مقابلة الحكم له، والمدعى:
تحريم الأجر بقول مطلق.
والأظهر هو الاستدلال بصحيحة عبد الله بن سنان المذكورة، بحمل الرزق فيها على ما هو أعم من الارتزاق من بيت المال أو الأجرة.
* * * وظاهر جملة من الأصحاب: عد الصلاة بالناس فيما تحرم الأجرة عليه، و نقل في المختلف عن ابن البراج: أنه عد في أقسام المحرمات، الأذان والإقامة و الصلاة بالناس، وتغسيل الموتى وحملهم والصلاة عليهم ودفنهم، فإنه لا يحل أخذ الأجرة عليها.
ولم يحضرني الآن خبر في هذا الحكم.
ومن جملة من صرح بذلك صاحب الوسائل، مع أنه لم يورد في الباب ما يدل عليه وإنما أحال على ما قدمه من أحاديث التظاهر بالمنكرات، واختتال الدنيا بالدين، وجهاد النفس، وفي استفادة الدلالة على ذلك منها نظر، لا سيما مع ورود الاستيجار على العبادات ومشروعيته، وكيف كان فالاحتياط: فيما ذكروه.
الرابع: صرح جملة من الأصحاب بأنه لا يجوز بيع المصحف، وإنما يباع الورق والجلد ونحوهما من الآلات التي اشتمل عليها ذلك الكتاب.