الرجوع، جمعا بينه وبين ما دل على الإباحة بالتراضي.
وبالجملة فالتمسك بأصالة بقاء الملك حجة قوية، إلى أن يحصل المخرج عن ذلك من الحجج الشرعية، وغاية ما يستفاد من الأخبار - كما عرفت - هو الاكتفاء بالتراضي الحاصل من الألفاظ، دون مجر التراضي.
(الثاني): المشهور بين القائلين بعدم لزوم بيع المعاطاة: هو صحة المعاطاة المذكورة، إذا استكملت شروط البيع غير الصيغة المخصوصة، وأنها تفيد إباحة تصرف كل منهما فيما صار إليه من العوض المعين، من حيث إذن كل منهما في التصرف، وتسليطه على ما دفعه إليه إلا أنه لا يفيد اللزوم ما دامت العين باقية، بل لكل منهما الرجوع فيما دفعه للآخر.
وعن العلامة - في النهاية - القول بفساد بيع المعاطاة، وأنه لا يجوز لكل منهما التصرف فيما صار إليه من حيث الاخلال بالصيغة الخاصة، إلا أن جمعا من الأصحاب نقلوا رجوعه عن هذا القول في باقي كتبه.
قال في المسالك - على أثر الكلام الذي قدمنا نقله عنه في صدر المسألة -:
فلو وقع الاتفاق بينهما على البيع، وعرف كل منهما رضا الآخر بما يصير إليه من العوض المعين، الجامع لشرائط المبيع غير اللفظ المخصوص، لم يفد اللزوم.
لكن هل يفيد إباحة تصرف كل منهما فيما صار إليه من العوض؟ نظرا إلى إذن كل منهما للآخر في التصرف، أو يكون بيعا فاسدا، من حيث اخلال شرطه وهو الصيغة الخاصة، المشهور الأول. فعلى هذا يباح لكل منهما التصرف، ويجوز له الرجوع في المعاوضة، ما دامت العين باقية، فإذا ذهبت لزمت. أما جواز التصرف، فلما فرض من تسليط كل منهما الآخر على ما دفعه إليه وإذنه له فيه، ولا نعني لإباحة التصرف إلا ذلك. وأما لزومها مع التلف، فلرضاهما بكون ما أخذه كل منهما عوضا عما دفعه، فإذا تلف ما دفعه كان مضمونا عليه، إلا أنه قد رضي بكون عوضه هو ما بيده، فإن كان ناقصا فقد رضي به، وإن كان زائدا فقد رضي به الدافع، فيكون بمنزلة ما لو دفع المديون عوضا عما في ذمته ورضي به صاحب الدين. انتهى.