أقول: وعندي فيما ذكروه من الأدلة على الصحة، وفيما ذكروه من الأجوبة عن أدلة الشيخ نظر يتوقف بيانه على ذكرها واحدة واحدة، ليتأكد بذلك صحة ما اخترناه وقوة ما قويناه، ويكون ذلك في مواضع:
(الأول): ما احتج به في المسالك من كون المقتضي للصحة موجودا وهو الجامع للشرائط، ففيه: أنه لم يقم لهم دليل على اعتبار هذا العقد الذي ذكروه، والصيغة التي اشترطوها، وإنما المتحقق من الناقل الذي يترتب عليه أحكام البيع، هو حصول التراضي من الطرفين، وبذلك صرح هو أيضا في مسالكه، فقال - بعد أن نقل عن ظاهر المفيد الاكتفاء في تحقق البيع بما دل على الرضا به من المتعاقدين إن عرفاه وتقابضا، وعن بعض مشائخه المعاصرين أنه يذهب إلى ذلك لكن يشترط في الدال كونه لفظا - ما صورته: والنصوص المطلقة من الكتاب والسنة الدالة على حل البيع وانعقاده من غير تقييد بصيغ خاصة تدل على ذلك، فإنا لم نقف على دليل صريح في اعتبار لفظ معين، وقد عرفت فيما تقدم ميل جملة من العلماء إلى هذا القول.
وحينئذ فإذا اعترف بأنه لا دليل على اعتبار هذا العقد الذي ذكروه، وإنما المدار على حصول التراضي من الطرفين أعم من أن يكون بهذا اللفظ أو بغيره مما يدل عليه، كان الناقل المترتب عليه الأحكام إنما هو الرضا من المالك، وحيث لم يحصل - كما هو المفروض - فلا وجود للبيع من أصله، ولا يترتب أثر عليه. فكيف يحتج هنا بأن المقتضي للصحة موجود وهو العقد الجامع للشرائط.
لا يقال: إن لقائل أن يقول: إن البايع الفضولي يجوز أن يتراضى مع المشتري على نحو من الوجوه، ويكون ذلك التراضي بيعا موقوفا.
لأنا نقول: التراضي الذي دل عليه الدليل - عندنا - هو ما يكون بين المالك والمشتري، أعم من أن يكون مالك الأصل أو المتصرف كالولي والوصي والوكيل، وأيضا فإن ذلك القائل لا يرتضيه ولا يقول به لتصريحه بوجوب تلك الصيغة المخصوصة.
(الثاني): ما احتج به في المختلف من أنه بيع صدر من أهله، وجعله الأهلية عبارة