الثاني: المشهور بين الأصحاب تحريم أخذ الأجرة على الأذان.
واستدل عليه ما رواه الشيخ بإسناده عن محمد بن الحسن الصفار عن عبد الله المنبه عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السلام، أنه أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين والله إني أحبك لله، فقال له: لكني أبغضك لله. قال: ولم؟ قال: لأنك تبغي في الأذان أجرا، وتأخذ على تعليم القرآن أجرا، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من أخذ على تعليم القرآن أجرا كان حظه يوم القيامة (1).
وذهب المرتضى إلى جواز أخذ الأجرة عليه، تسوية بينها وبين الارتزاق.
وإلى هذا القول يميل كلام المقدس الأردبيلي، استضعافا للخبر المذكور، لأن رجاله من العامة الزيدية. قال: والشهرة ليست بحجة، وأيد ذلك باشتمال الخبر على النهي عن أخذ الأجرة على تعليم القرآن، مع كون ذلك على الكراهة عند الأصحاب. قال: ويبعد كون أحدهما مكروها والآخر حراما. والأصل، وجواز أخذ الأجرة في المندوبات، يؤيد عدم التحريم. انتهى.
أقول: ما ذكره وإن أمكن تطرق المناقشة إليه (2) إلا أن الخبر المذكور مع الاغماض عن المناقشة في سنده لا ظهور له في التحريم، فإنهم كثيرا ما يزجرون عن المكروهات بما يكاد يدخلها في حيز المحرمات، ويحثون على المستحبات بما يكاد يلحقها بالواجبات، وهذا ظاهر لمن تتبع موارد الأحكام الواردة في أخبارهم