عن الصلاة! وكأن يقول: ما أصنع، أضيع مالي؟ هذا رجل قد بعته وأريد أن أستوفي منه، وهذا رجل قد اشتريت منه وأريد أن أوفيه، فدخل رسول الله من أمر سعد غم شديد أشد من غمه بفقره فهبط جبرائيل عليه السلام فقال: يا محمد، إن الله تعالى قد علم غمك بسعد، فأيما أحب إليك: حاله الأولى أو حاله هذه؟ فقال: يا جبرئيل، بل حاله الأولى، فقد ذهبت دنياه بدينه وآخرته. فقال له جبرئيل عليه السلام: إن حب الأموال و الدنيا فتنة ومشغلة عن الآخرة، قل لسعد، يرد عليك الدرهمين الذين دفعتهما إليه، فإن أمره يصير إلى الحال التي كان عليها أولا، قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمر بسعد، فقال له: أما تريد أن ترد علينا الدرهمين الذين أعطيتكهما؟ فقال له سعد: و مأتين. فقال له: لست أريد منك إلا الدرهمين، فأعطاه سعد درهمين. قال: فأدبرت الدنيا عن سعد، حتى ذهب ما كان معه وما جمع، وعاد إلى حالته التي كان عليها (1).
" ومنها ": أن لا يتوكل حاضر لباد. والمراد بالبادي: الغريب الجالب للبلد، أعم من أن يكون من البادية أو قرويا. ومعناه: أن يحمل البدوي أو القروي متاعه إلى بلد فيأتيه البلدي، ويقول له: أنا أبيعه لك بأعلى ما تبيعه، قبل أن يعرفه السعر، ويقول: أنا أبيع لك. وأكون سمسارا. كذا ذكره في المسالك.
وقد اختلف الأصحاب في ذلك تحريما وكراهة فذهب الشيخ في النهاية إلى الثاني.
وهو قول العلامة في المختلف، واختيار المحقق في الشرايع، والشهيد في الدروس.
وفي المبسوط والخلاف إلى الأول، إلا أنه قيده في المبسوط بما يضطر إليه الناس، بأن يكون في فقده اضرار بهم.
وقال ابن البراج في المهذب كقول الشيخ في المبسوط. وبه قال ابن إدريس، والعلامة في المنتهى.