وهيآتها هو الإخبار عن الاتصاف والصدور في الزمان السابق. نعم لا يدل على انتفاء الاتصاف حين الإخبار وفي زمان الحال، فإذا قيل: علم زيد أن عمرا جالس، فهو لا يدل على انتفاء علمه في الحال، بل يدل على أن حدوث العلم يكون قبل حال الإخبار والكلام، نعم لا شهادة لها على الماضي البعيد، فلا شهادة في قوله تعالى: * (وما أنزل من قبلك) * على عدم دلالة الهيئة على الزمان السابق، فإن التقييد بقوله: * (من قبلك) * يفيد الزمان السابق البعيد، فلا تخلط.
فهيئة الماضي - على ما تقرر منا في الأصول - مقرونة بالوضع بالزمان السابق، بخلاف هيئة المضارع والحال (1)، كما مضى فيما سبق (2).
ثم إنه قد اشتهر بين جماعة: توهم اختلاف هيئة الإنزال والتنزيل بحسب المعنى في مادة النزول، فقالوا: التنزيل تدريجي، والإنزال دفعي، هكذا عن أكثر الحواشي الكشافية والبيضاوية (3). انتهى.
وهذا وكل ما كان من هذا القبيل من الأقاويل ناشئ من الخلط بين المعاني اللغوية والاصطلاحية، وما هو المعنى اللغوي هنا واحد، لأن الوضع في الهيئات نوعي إلا ما شذ.
وأما ما هو المعنى الاصطلاحي فلا يبعد دعوى: أن التنزيل في الكتاب الإلهي يكون في مورد يشير إلى إنزاله متفرقا منجما، والإنزال أعم.