العقليات والروحانيات.
ومما يشهد على اعتبار العلو الحسي أنه استعير للعلو الروحاني * (نزل به الروح الأمين على قلبك) * (1).
ثم إن ما ورد في " الأقرب ": من أن الإنزال بمعنى الوحي والإيحاء (2)، فهو كلام شعري لا حقيقة لغوية، لأنه انتقل إلى هذا المعنى من الاستعمالات الشرعية في الكتاب والسنة، غافلا عن ممنوعية الخلط بين الشرع والعرف.
وما في كتب التفسير: من أن الإنزال هو الإبلاغ والإيصال، كلام ساقط، لأن النزول يتعدى بالباء والإبلاغ والإيصال يتعديان ب " إلى "، وقد تقرر في محله لزوم اتحاد جهة التعدية إذا كانت الألفاظ مترادفة، فلا تخلط.
إن قلت: قد ورد الإنزال بمعنى الإيصال في قوله تعالى: * (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد) * (3)، وفي قوله تعالى: * (وأنزل لكم من الانعام ثمانية أزواج) * (4).
قلت: أولا: ربما كان ذلك استعارة أيضا، لأن كل شئ عند الله تعالى خزائنه، فيكون جميع الماديات نازلة من الغيب العالي بالذات.
وثانيا: ربما كان في الآية الأولى إشعار إلى ما قيل في التاريخ: بأن