هكذا عن الراغب و " القاموس " (1) وغيرهما فقوله تعالى: * (لولا نزلت سورة) * (2) وقوله تعالى: * (فإذا أنزلت سورة محكمة) * (3) فإنما ذكر في الأول " نزل " وفي الثاني " انزل "، تنبيها على أن المنافقين يقترحون أن ينزل شيئا فشيئا من الحث على القتال ليتولوه، وإذا أمروا بذلك دفعة واحدة تحاشوا عنه فلم يفعلوه، فهم يقترحون الكثير ولا يفون إلا بالقليل.
هذا، ولكن الوثوق بالفرق المزبور يحتاج إلى التدبر التام والتفحص الكامل، حتى يتبين الاصطلاح الخاص من الكتاب الإلهي.
وأما أن هيئة باب التفعيل قد يجئ للتكثير، فهو كلام متين لا دليل على بطلانه، فيكون بين التنزيل والإنزال إمكان الفرق من هذه الجهة، ومجرد الإمكان لا يكفي. كما أن هيئة باب الإفعال قد تجئ للمبالغة، وهي في حد التكثير، فمثال الأول: قطعت الحبل، أي جعلته قطعا كثيرة، ومثال الثاني: أشغلته، أي بالغت في شغله.