الإنسانية، فإنها توجب زيادة المرض بإبقاء حالته وعدم العدول عن الباطل، فمن هو الزائد ويكون فاعل الزيادة بالمباشرة، هو نفسه الخبيثة الرذيلة المديمة الباقية على السوء باتباع الشهوات والشرور، فيزداد فيها الصفات السيئة والرذائل الشريرة، فتكون من هذه الجهة نامية وزائدة ومظهر قوله تعالى: * (فزادهم الله مرضا) *.
فلا يتخيل: أن الله تعالى يريد بإرادة مستقلة بدوية مباشرية زيادة المرض فيهم، بل كل شئ في ناحية الكمال مستند إليه بالذات، وفي ناحية الشرور مستند إليه بالعرض والاعتبار، لأن فعل الحق كما يصح أن يستند إلى الخلق، فيقال تارة: * (الله يتوفى الأنفس) * (1)، وأخرى: * (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم) * (2)، وهكذا في ناحية الوحي، فيقال:
* (نزل به الروح الأمين على قلبك) * (3) تارة، وأخرى: * (وأوحى إلى عبده ما أوحى) * (4)، وهكذا، كذلك فعل المتأخر والخلق فيما لا يزال يستند إليه تعالى على العكس، فيكون مباشر زيادة المرض نفس المريض، ولكن لما كان ذلك بإذن الله تعالى، وبتربيته على نظام أسمائه الإلهية، يستند إليه تعالى، فيعلم من هذه النسبة صحة كون كل شئ مظهر اسم من الأسماء الإلهية حتى في العدميات والتبعيات والشرور والسيئات.