العذاب الأليم بقوله: * (بما كانوا يكذبون) *: أن المقصود صرف توهم كون العذاب في مقابل ذلك المرض الذي يحصل في قلوبهم بغير اختيار أحيانا، فتنادي هذه الآية الشريفة إلى إبطال ما اعتقدوه في هذه الورطة، وسجلوه في قراطيسهم وأساطيرهم، ولكن لما كانت الشواهد الكثيرة من المآثير والأخبار صريحة في تجسم الأعمال وتبعات الصفات المذمومة، فيمكن دعوى: أن الظهور الأول قابل للإنكار، والظهور المستند إلى الباء في محله، إلا أن الصور البرزخية جزاء الصور المادية، ولا يتقوم مفهوم الجزاء بكونه واردا على المجزى به.
وأما الظهور الثالث فهو بحسب دلالة المطابقة متين جدا، وأما كونه في موقف نفي العذاب الأليم عن الصفات، فإما لا يكون واضحا، أو لو صح ذلك فهو مخصوص ببعض الصفات. والله العالم.
ونعوذ به من هذه الجحيمات الثلاث، ولا سيما جحيم الذات التي عليها الخلود والنار الأبدية. والله من ورائهم محيط.