تعالى - في محله.
فبالجملة: هذه الآية كما تدل على كبرى المسألة تدل على صغراها، بناء على القراءة المعروفة " يكذبون " بالتخفيف، كما هو الحق الصريح، فتأمل.
أقول: أما دلالتها على حد الكذب فهو موقوف على كون المنافقين غير مؤمنين واقعا، وما كان في قلوبهم من الإيمان والاعتقاد شئ، من الإيمان الثابت ولا المستودع، نظرا إلى قوله تعالى: * (وما هم بمؤمنين) *، وهذا مما صدقه الكل في وجه نزول الآيات، فتأمل.
نعم لا تدل على نفي القول الثالث في الكذب، وهو أنه مخالفة القول للواقع أو للاعتقاد، كما لا يخفى.
وأما دلالتها على كبرى المسألة فهي مشكلة، وذلك لإمكان كون الآية بصدد بيان أن الكذب المخصوص - وهو الكذب في أبواب الإيمان بالله وباليوم الآخر، مع ما يترتب عليه من المفاسد الكثيرة - محرم، ويعاقبون على مثل ذلك الكذب بالعذاب الأليم، فاستفادة حرمة كل كذب ممنوعة، لاحتمال الخصوصية الموجودة في الكلام وفي مورده.
وهذا نظير ما إذا قيل: ومن الناس من يقاتل في سبيل الشيطان، فيقتلون النبيين بغير حق، ولهم عذاب عظيم بما كانوا يقتلون، فإنه لا يستفاد منها أن كل قتل حرام، فما توهمه الفخر (1) فهو خال عن التحصيل.